المؤثر الاخباري – رزان عبدالهادي
اتجه عدد كبير من المواطنين، في الآونة الأخيرة، لمقاطعة المنتجات القادمة من الدول الغربية، حيث تعكس هذه الحركة استنكارهم وإدانتهم الشديدين للأوضاع الراهنة في غزة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي عليها، والذي راح على اثره الاف الشهداء حتى اللحظة، جلهم من الأطفال والنساء.
لكن، وعلى صعيد اخر، قد تبدو هذه المقاطعة، للبعض الاخر من المواطنين، مقاطعة غير واعية؛ حيث تتركز المقاطعة على بعض الشركات والمطاعم والمصانع دون غيرها، ومنها شركات ومطاعم استحوذ على وكالتها أردنيون، الأمر الذي اعتبره البعض استهدافا واضحا لهذه الشركات والمطاعم والمصانع، على وجه التحديد، بهدف تكبيدها خسائر كبيرة.
وعلى العموم، فإنه وإن تم بالفعل تكبيد هذه الشركات خسائر كبيرة، فإن ذلك سينتج عنه إغلاق هذه الشركات، وبالتالي تسريح العاملين فيها، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بصورة سلبية على معدلات الفقر والبطالة في بلد يعاني اهله اساسا من هاتين المشكلتين، إلى جانب تأثيره على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
نضال ملو العين، رجل الأعمال والمستثمر في القطاع السياحي، قال لوكالة المؤثر الاخباري انه يجب ان تكون المقاطعة ذكية بحيث لا تؤثر على الموظفين ولا ترفع من نسب الفقر والبطالة.
ملو العين ، قال ان ذلك سيكون “صعبا” موضحا أن الأردن يعاني اساسا من قلة المصانع الكبرى القادرة على توظيف عدد كبير من الشباب والشابات “لو كان هذا امرا سهلا لكانوا قاموا بتوظيف العاطلين عن العمل في وقت سابق، ولما كانوا انتظروا طيلة هذا الوقت.”
رجل الأعمال قال ان عددا كبيرا من الشركات والمطاعم ادّعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي انها ستقوم بتوظيف الشباب والشابات العاطلين عن العمل او الذين تركوا العمل في المطاعم والشركات العالمية “ولكنهم لم يقوموا بذلك على أرض الواقع. اعتقد ان الامر كان مجرد دعاية او وسيلة لهم من اجل كسب الشهرة.”
من جانب اخر، قال ملو العين ان العاملين بقطاع الإستثمارات يعملون، ومنذ وقت طويل، من أجل جذب الإستثمارات الكبيرة الضخمة، “الأمر الذي سيساعد وبشكل كبير في خفض معدلات البطالة والفقر، لكن الآن وبعد انتشار حملات المقاطعة ستعزف الشركات الكبرى عن القدوم الى الاردن.”
بحسب ملو العين، فإنه يجب فصل الاقتصاد عن السياسة، “في تركيا مثلا، نشهد استنكارا كبيرا لما تقوم به إسرائيل، لكننا لم نسمع، بالمقابل، عن حملات لمقاطعة كبرى الشركات العالمية.”
المستثمر في القطاع السياحي نوه أنه من أجل رفد الاقتصاد وتحريك عجلة الاقتصاد فإنه يجب على العاملين في قطاع السياحة، الآن وبكل وقت، الترويج للأردن بشكل كبير حتى تكون مركز رئيسي للسياح في الشرق الأوسط.
” بعض السياح يقومون بالمجيء للاردن ليوم او لبضع ساعات، ومن بعد ذلك يغادرون لدول أخرى. كيف لهذا أن يحدث والأردن هو مركز الامان والاستقرار في الشرق الأوسط و الاغنى سياحيا في المنطقة.” قال ملو العين.
ونوه انه يجب أن يكون هناك ترويج أكبر للأردن بحيث يكون الوجهة الأولى والوحيدة للسياح،” إضافة أنه يجب أن يكون هناك اهتمام وعناية فائقتين بالبنية التحتية والخدمات السياحية المقدمة”.
ملو العين أشار أنه في الظروف الحالية يرى البعض أنه يجب الا نولي اهتماما كبيرا بالقطاع السياحي، الأمر الذي يعتبره المستثمر في القطاع السياحي أمر “غير مقبول على الاطلاق.”
“على أقل تقدير يمكننا الترويج في هذه الظروف الصعبة للسياحة الدينية؛ في الأردن هناك العديد من الأماكن التي تلبي احتياجات الزوار الذين ينوون القيام بسياحة دينية، وللمسلمين والمسيحيين على حد سواء”، بين ملو العين.
رجل الأعمال أكد بهذا الصدد ان الظروف الحالية من شأنها ان تجعلنا أقرب الى الله وأن ننادي جميعا للسلام، الأمر الذي تجمع عليه جميع الديانات السماوية.”
في ختام حديثه، أشار المستثمر لأهمية أن يكون لكل شخص منا وجهة نظره الخاصة التي يؤمن ويعمل بها بصدق.
“بعض الأشخاص باتوا ينادون بالمقاطعة لانجرارهم وراء ثقافة القطيع. هم حقيقة أصبحوا يميلون للمقاطعة بسبب تخوفهم او خجلهم من بعض الأشخاص المحيطين بهم؛ البعض منهم لا يزال لا يدرك تأثيرات المقاطعة علينا جميعا والبعض الآخر أخذوا من المقاطعة وسيلة لكسب الشهرة”، قال ملو العين.
اما الخبير الاقتصادي والمالي وجدي مخامرة فيعتير أن المقاطعة التي يسلكها بعض المواطنين حاليا غير شاملة ومؤثرة، مبينا أنه لن يكون لها تأثير كبير لوقف العدوان على غزة لا سيما ان الأردن هو جزء من العالم، وانه وان تمت مقاطعة المنتجات الغربية في الاردن، فإنه ليس من الضروري ان يتم ذلك في بقية دول العالم.
وقال مخامرة في تصريحاته لوكالة المؤثر الاخباري ان بعض الأشخاص يقاطعون بعض المنتجات والمطاعم لكنهم على الجهة الاخرى يفضلون “لبس ماركات عالمية ولا يمكنهم الاستغناء عنها، على سبيل المثال، وبهكذا لا تكون مقاطعتهم شاملة وحقيقية”.
وبين الخبير الاقتصادي مخامرة، إن بعض المطاعم العالمية التي تتم مقاطعتها حاليا هي لمستثمرين اردنيين، وانهم يتعاملون مع شركات للخدمات المساندة كالنقل والمواد الأولية، على سبيل المثال، الأمر الذي من شأنه التأثير بشكل سلبي على عجلة الاقتصاد الأردني.
بحسب مخامرة فإن الخيار الأفضل من المقاطعة هو الضغط على هذه الشركات والمطاعم من أجل أن تخصص جزء من ارباحها لصالح دعم اشقائنا في غزة.
وأكد ان المقاطعة يجب أن تكون مدروسة بعناية، وانه اذا اختار البعض ان يقاطع فعليه التوجه نحو دعم المنتجات المحلية كبديل لرفد الاقتصاد الوطني، لا سيما ان الوضع الاقتصادي لا يزال في مرحلة التعافي بعد ازمة جائحة كورونا.
وقال مخامرة “إن أغلب العاملين في المطاعم والشركات هم من فئة الشباب ويجب الا ينضموا لصفوف البطالة لأن من شأن ذلك ان يؤثر على عجلة الاقتصاد برمته.”
من جانبه قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لوكالة المؤثر الاخباري ان “المقاطعة تمثل وسيلة للتعبير عن الرفض لأوجه معينة في السياسات، وهي سلاحا سلميا يتم استخدامه لإظهار الرفض، وحاليا تستخدمه الشعوب من أجل الضغط لوقف العدوان على غزة ومن أجل التنديد بما تقوم بها إسرائيل.”
وبحسب عايش، فقد شهدت المقاطعة تأثيرا كبيرا على مستوى عالمي، حيث شارك الكثيرون في هذا النوع من الاحتجاجات للتعبير عن استنكارهم للعدوان.
الخبير الاقتصادي أكد أن المقاطعة من شأنها أن توفر فرص عمل جديدة وتعزز التوجه نحو استثمارات أخرى مبينا ان النهج التدريجي للمقاطعة يبرز أهمية توفير بدائل وتحفيز الدعم للسلع المحلية، مما يساهم بدوره في تعزيز الاستقلال الاقتصادي وايضا يساهم في تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل العجز في الميزان التجاري.
عايش نوه ان المقاطعة لا تعني، بأية حال، القيام بتخريب المصانع والشركات والمطاعم لان ذلك سيتنافى مع الهدف الحقيقي للمقاطعة، وهو التعبير عن الرفض والاستنكار بشكل سلمي.
“هذه المصانع والمطاعم والشركات محمية بموجب القانون الأردني وحمايتها واجب علينا جميعا” ، ختم عايش.
محمود الهيلات، أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد في جامعة اليرموك، قال لوكالة المؤثر الاخباري، إن من الجوانب الإيجابية للمقاطعة هو إنها تفتح الباب أمام المنتِج الأردني، وتعزز فرصه وجودة منتجاته.
والمقاطعة، الذي اعتبرها الهيلات سلاحًا حضاريًا وردة فعل طبيعية تجاه ما يحدث من عدوان غاشم في غزة، قد توفر الفرصة للمستثمرين “لملئ الفراغ الذي خلفه العزوف عن شراء منتجات غربية، حيث أنه يتوجب عليهم الان العمل على تطوير منتجاتهم وتوسيع نطاق عملهم، خاصة في قطاع الصناعة الذي يُعتبر رافدًا حقيقيًا لخلق فرص العمل.”
الخبير الاقتصادي الهيلات، قال ان بعض الموظفين ربما سيفقدون، على المدى القصير، فرص عملهم في المطاعم والشركات والمصانع لكنهم ايضا “سيجدون فرص عمل أفضل في مصانع ومطاعم وشركات أردنية “حينما يزيد إقبال المواطنين على المنتجات المحلية ويتضاعف دخل المصانع والشركات وعليه يصبح بإمكانهم توظيف عدد اكبر من الشباب والشابات.
بحسب الهيلات ايضا، فإن وجود مصانع ومطاعم أردنية بحت أفضل بكثير من أخذ وكلات لشركات عالمية وفتح أفرع جديدة لها لأن هذه الشركات العالمية تعود بالنفع على اقتصادات الدول الأجنبية اما الشركات المحلية فإنها ستحرك عجلة الاقتصاد الأردني وتعود بالنفع على الخزينة وايرادات الدولة.
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=29205