قُتل ستة أشخاص بينهم أربعة باكستانيين وشرطي، إضافة إلى ثلاثة مهاجمين، فيما أصيب 28 آخرون على الأقلّ بجروح ليل الاثنين الثلاثاء في عملية إطلاق نار بمحيط مسجد للشيعة في مسقط، في حادثة نادرًا ما تشهدها السلطنة الخليجية الهادئة.
وأعلنت شرطة عُمان السلطانية في بيان نشرته عبر حسابها على منصّة “إكس” الثلاثاء: “أسفرت الحادثة عن وفاة خمسة أشخاص واستشهاد أحد رجال الشرطة ووفاة الجناة الثلاثة إضافة إلى إصابة 28 شخصاً من جنسيات مختلفة بينهم 4 أشخاص أثناء تأدية واجبهم الوطني من رجال الشرطة ومنتسبي هيئة الدفاع الدني والإسعاف”.
وكانت الشرطة أعلنت في بيان مقتضب سابقاً أنّها “تعاملت مع حادثة إطلاق نار في محيط أحد المساجد في منطقة الوادي الكبير”.
من جهتها، أفادت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه “وفقاً لآخر المعلومات الواردة من السلطات العمانية، استشهد أربعة باكستانيين نتيجة إطلاق النار” في ما وصفته بـ”الهجوم الإرهابي الغادر على مسجد علي بن أبي طالب في منطقة الوادي الكبير في مسقط بسلطنة عمان”، معربة عن سرورها لتمكن السلطات العُمانية من “تحييد المهاجمين”.
وفي وقت لاحق، أعلنت السفارة الهندية في عمان عبر “إكس” أن “وزارة الخارجية في سلطنة عمان أبلغت أن مواطناً هندياً فقد حياته وأصيب آخر” في الهجوم.
“احتجاز رهائن”
وعاد السفير الباكستاني في عُمان عمران علي بعض الجرحى في المستشفيات، وفق ما أفادت السفارة على منصة “إكس”.
ونشرت مقطع فيديو دعا فيه السفير الجالية الباكستانية في السلطنة إلى التعاون مع السلطات المحلية وتجنّب الذهاب إلى موقع إطلاق النار.
وقال علي “زرتُ ثلاثة أو أربعة مستشفيات. وبفضل الله، جميع المصابين بخير”.
وأضاف “نحن على تواصل مع السلطات العمانية وكذلك المستشفيات. وموظفينا على أهبة الاستعداد للتبرع بالدم في حالات الطوارئ في السفارة”، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء خط ساخن لتلقي اتصالات من الجرحى وأقاربهم.
وقال علي لوكالة فرانس برس إن “المسجد المستهدف مسجد شيعي يرتاده في الغالب المغتربون من جنوب آسيا”، مشيراً إلى أن عُمان تستضيف ما لا يقل عن 400 ألف مواطن باكستاني.
وأضاف علي أنه “في الساعة 11:00 مساء، سُمع إطلاق نار من المبنى المجاور للمسجد”.
وأوضح أن إطلاق النار أعقبه “احتجاز رهائن”، موضحاً أن المسلحين احتجزوا مئات المصلين في المسجد.
ولفت السفير إلى أنه “تم إطلاق سراحهم لاحقاً من قبل القوات العمانية” التي نفذت عملية لتطهير المنطقة من المسلحين.
وقال علي إنه لا توجد معلومات تذكر عن منفذي الهجوم أو دوافعهم المحتملة، مضيفاً أن “الجميع يلتزم الصمت حيال الأمر”، ومعتبراً أن الهجوم خلق “وضعاً صعباً”.
تحذير أميركي
وأصدرت سفارة الولايات المتحدة في مسقط تحذيرًا أمنيًا إثر إطلاق النار وأعلنت إلغاء كل المواعيد للحصول على تأشيرات دخول الثلاثاء.
وكتبت السفارة عبر منصة اكس “على المواطنين الأميركيين توخي الحذر ومتابعة الأخبار المحلية والامتثال لتعليمات السلطات المحلية”.
في المقابل، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني الهجوم واصفاً إياه بأنه عمل “مثير للانقسام”، ومعلناً “دعم إيران لحكومة وشعب سلطنة عمان ضد الحركات التقسيمية”.
وصباح الثلاثاء، كانت المنطقة لا تزال مطوّقة أمنيًا وتعذّر على المصوّرين والصحفيين الوصول إليها، حسب ما أفاد مصوّر متعاون مع وكالة فرانس برس.
ونشرت حسابات ووسائل إعلام عدة مقاطع فيديو تحقّقت وكالة فرانس برس من صحّتها، تظهر أشخاصاً يتفرّقون وسط دوي طلقات نارية قرب مسجد الإمام علي، وهم يهتفون “يا حسين”.
ويُنظر إلى السلطنة التي ينتمي سكانها الى المذاهب السنية والشيعية والإباضية، على أنها إحدى أكثر دول المنطقة انفتاحًا واعتدالا في السياسية والدين والمجتمع.
حادثة نادرة
في العام 2005، أطلق مدرّس سابق النار داخل مبنى حكومي في مسقط متسببًا بوقوع قتيلين وجرح آخرين، قبل أن يقتل نفسه، حسب ما أفادت وكالة الأنباء العمانية حينها التي أشارت إلى أن دوافعه كانت “شخصية”.
وتُعتبر مثل هذه العمليات حوادث نادرة جدًا في السلطنة بخلاف الوضع في دول مجاورة.
مطلع العام الحالي، شهدت إيران المجاورة تفجيرين أوقعا 84 قتيلًا خلال إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، وتبناهما تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي العام 2015، استهدف هجوم انتحاري مسجد الإمام الصادق للشيعة في العاصمة الكويتية أثناء صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 27 قتيلًا و227 جريحًا، في اعتداء تبنّاه تنظيم الدولة الإرهابي المعروف بـ”داعش”.
وفي العام نفسه، شهدت السعودية عدة هجمات، من بينها تفجيران في يومي جمعة متتاليين في أيار/مايو 2015 استهدفا مسجدين شيعيين في المنطقة الشرقية وأسفرا عن مقتل 25 شخصًا.
وعادة ما تلتزم مسقط مواقف حيادية في النزاعات القائمة في المنطقة.
ومن بين هذه النزاعات الصراع في اليمن إذ تلعب مسقط دور الوساطة بين المتمرّدين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، علمًا أن السلطنة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضمّ إلى هذا التحالف.
كذلك، تستضيف السلطنة محمد عبد السلام كبير مفاوضي الحوثيين المدعومين من إيران.
وتقيم إيران وسلطنة عمان تقليدًا علاقات جيدة. ولعبت عمان خصوصًا دور وساطة بين إيران والولايات المتحدة في ملفات عدة خصوصًا النووي الإيراني وتبادل سجناء بين واشنطن وطهران.
أ ف ب
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=41499