المؤثر الإخباري – عدي قاقيش
يحتفل شطري نهر الأردن سنويًا بذكرى الانتصار العربي الأول على دولة الاحتلال الصهيوني في منطقة الكرامة بغور الأردن.
الكرامة .. التي فيها دوت عبارة الملك حسين بن طلال رحمه الله الشهيرة من أرض المعركة:
“كلنا فدائيون من أجل فلسطين”.
تلك المعركة الخالدة التي شهدت على هزيمة دولة ما يسمى اسرائيل، التي كانت تتفاخر بأن جيشها لا يهزم، خاصة مع الهزائم التي مُني بها العرب من قبل اسرائيل قبل تاريخ هذه المعركة، مثل: “النكسة” واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وجنوب لبنان وهضبة الجولان السورية، إلا أن الجيش الأردني هدم هذه النظرية وأثبت أن هذا الجيش يهزم في 15 ساعة.
الكرامة التي بدأت شرارتها يوم 21 أذار 1968، بين قوات الاحتلال الاسرائيلي والجيش الأردني بمشاركة من الفصائل الفلسطينية، والتي كان يهدف من خلالها الجيش الاسرائيلي لاحتلال أجزاء من الأردن وكان يروي حجة بأنه يريد القضاء على الفصائل الفلسطينية التي تقوم بمقاومة الاحتلال.
وكان الهدف من احتلال ودخول الأراضي الأردنية كان عكس ما يصرح به الاحتلال الاسرائيلي، حيث كان يهدف لاحتلال المرتفعات الشرقية الأردنية بمحافظة البلقاء وتحطيم القدرات العسكرية للقوات الأردنية وزعزعة ثقة القيادة الأردنية بنفسها وبين أفراد شعبها، خاصة بعد أحداث حرب حزيران عام 1967، والضغط على الأردن للاستسلام والقبول بالشروط التي تفرضها اسرائيل.
وأفشلت القوات الأردنية مخططات العدو التي تم الكشف عنها من الوثائق التي كانت لدى القادة الإسرائيليين وتركت في ساحة القتال، وهي احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء في عمان.
وعد 5 ساعات من بدء المعركة، طلبت إسرائيل وقف إطلاق النار، لكن الأردن أصر وعلى لسان الملك الحسين عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جندياً إسرائيلياً واحداً شرقي النهر.
وببسالة وعزيمة وقوة وإيمان أفراد الجيش الأردني وقادته وقوات الفصائل الفلسطينية تمكنوا من هزيمة جيش الاحتلال هزيمة نكراء، أثبتت أن عن هشاشة هذا الجيش ولا يستحق الأوصاف التي يلقب نفسه بها.
وكان الجيش الأردني قد أعلن عن تدمير 45 دبابة إسرائيلية و25 عربة مجنزرة، و27 ألية عسكرية أخرى من مختلف الأنواع، علاوة على إسقاط 5 طائرات إسرائيلية، في حين اعترفت إسرائيل بإسقاط طائرة واحدة من طراز “داسو”، بنيران المضادات الأرضية الأردنية، في حين خسر الجيش الأردني 10 دبابات ومدفعين و10 أليات مختلفة.
ولم يعترف جيش الاحتلال المهزوم الذي يعيش على الكذب، بمقتل حوالي 30 جنديا إسرائيليا وإصابة 70 آخرين أثناء، إضافة إلى تدمير 4 دبابات لها وعربتين مدرعتين وناقلتي جند مدرعة، وإعطاب 27 ألية أخرى.
وقال الفريق مشهور حديثة الجازي رحمه الله على إثرها: وهنا أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة.
بينما علف حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي في حديث له: “إن إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران”.
كما وصرح لصحيفة هآرتس الاسرائيلية بتاريخ 31/3/1968، “إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصره من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا وآلياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة”.
أما قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) وصف المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: “لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط”.
وبهذا الانتصار سطر الأردن تاريخًا جديدًا في حروب الصراع العربي الاسرائيلي، إذ أن الكرامة غيرت من نظر الكثير من الدول تجاه الدول العربية وقوتها على الدفاع عن نفسها وتحديدًا الاحتلال الاسرائيلي.
وبتوجيهات من جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال نذرت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي نفسها للدفاع عن الأردن والقضايا العربية والإسلامية، وما يتخلف الجيش الأردني عن هذا النذر بالتوجيهات المستمرة من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=36495