بقلم: جهاد مساعده
في عالم سريع التغير، يُعد قطاع الشباب أحد أكثر القطاعات أهمية واستراتيجية لتطوير المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة. تتطلب إدارة هذا القطاع وفهم احتياجاته أدوات تحليلية ونماذج استراتيجية تساعد في صياغة سياسات وبرامج فعالة. من بين النماذج المستخدمة، هناك مجموعة من الأدوات التي أثبتت فعاليتها في تصميم وتنفيذ استراتيجيات تستهدف الشباب.
أحد النماذج البارزة هو نموذج PESTEL، الذي يركز على تحليل البيئة الخارجية لفهم العوامل التي تؤثر على الشباب. يدرس هذا النموذج الجوانب السياسية مثل القوانين التي تدعم الشباب أو تحد من مشاركتهم، والجوانب الاقتصادية التي تؤثر على مستقبلهم. كما ينظر إلى العوامل الاجتماعية كالتغيرات في القيم الثقافية أو الاهتمامات الشبابية المتجددة، بالإضافة إلى التكنولوجيا التي أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتهم، سواء من خلال وسائل التعليم أو ريادة الأعمال. ويعد هذا النموذج أداة قوية لتحديد الاتجاهات العامة وتوجيه السياسات الوطنية لدعم الشباب.
من جهة أخرى، يُعتبر نموذج SWOT أداة شاملة تجمع بين تحليل العوامل الداخلية والخارجية. يتيح هذا النموذج تحديد نقاط القوة مثل ارتفاع نسبة الشباب لعدد السكان، ونقاط الضعف مثل نقص البرامج العملية التي تؤهلهم للدخول إلى سوق العمل. كما يساعد في استكشاف الفرص، كزيادة الطلب على الكفاءات في مجال التكنولوجيا، ومواجهة التهديدات مثل المنافسة في سوق العمل الإقليمي. يتم استخدام هذا النموذج عادة لتطوير خطط عمل تستهدف تحسين أوضاع الشباب وتعزيز فرصهم المستقبلية.
أما نموذج القوى الخمس لبورتر، فيساعد في فهم التحديات التي تواجه الشباب في مجالات مثل التوظيف وريادة الأعمال. من خلال هذا النموذج، يمكن تحليل المنافسة بين البرامج المقدمة للشباب، وتحديد مدى قوة الجهات الممولة أو المؤثرة في توجيه الموارد لهم. كما يتيح تقييم التهديدات التي قد تأتي من البدائل المتاحة مثل العمل الحر، مما يساعد في تصميم برامج تستجيب لاحتياجات السوق بشكل أفضل.
ومن بين النماذج الأخرى، تأتي مصفوفة BCG التي تُستخدم لتقييم أداء المبادرات الشبابية وتحديد أولوياتها. هذا النموذج يقسم المبادرات إلى فئات بناءً على أدائها والنمو المتوقع لها.
ويُعد نموذج McKinsey 7S أداة فعّالة لتحليل العناصر الداخلية التي تؤثر على تنفيذ البرامج الشبابية. يركز النموذج على الاستراتيجية، الهيكل التنظيمي، الأنظمة الداخلية، والقيم المشتركة، مما يضمن توافق جميع العناصر مع الأهداف العامة. كما يسهم في تعزيز تنسيق الجهود بين العاملين على ضمان تنفيذ هذه المبادرات، ما يضمن تحقيق نتائج فعالة ومستدامة.
إضافة إلى ذلك، تُعد بطاقة الأداء المتوازن BSC أداة حديثة وشاملة تُستخدم لقياس وتقييم الأداء على عدة مستويات، حيث تركز على أربعة محاور رئيسية لتحقيق التوازن الاستراتيجي. يتمثل المنظور المالي في تخصيص الموارد المالية بشكل فعّال لدعم المبادرات الشبابية وضمان استدامتها، بينما يهتم منظور العملاء بقياس مدى رضا الشباب عن البرامج والمبادرات المقدمة لهم ومدى تلبيتها لاحتياجاتهم. من جهة أخرى، يهدف منظور العمليات الداخلية إلى تحسين كفاءة العمليات وتسهيل تنفيذ المشاريع لتحقيق أفضل النتائج، في حين يُعنى منظور التعلم والنمو بتطوير قدرات العاملين على البرامج الشبابية وتعزيز الابتكار في تصميم المبادرات. وتعمل بطاقة الأداء المتوازن كأداة حيوية لربط الأهداف الاستراتيجية بالمخرجات الفعلية، مما يتيح تتبع التقدم نحو تحقيق الأهداف وإجراء التحسينات اللازمة لضمان نجاح المبادرات وتحقيق أثر مستدام.
في ضوء ما سبق، يسهم التكامل بين تلك النماذج في تصميم استراتيجيات وبرامج مبتكرة تستجيب للتوجهات العالمية الحديثة الخاصة بالشباب، وتوفر بيئة داعمة لهم، مما يمكّنهم من تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم، ليصبحوا قوة محركة للتغيير وركيزة أساسية للتنمية.
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=47922