للمرة الأولى منذ جائحة كورونا، تشهد المنشآت السياحية في منطقة البحر الميت تراجعا كبيرا بأعداد الزوار، إذ تقترب نسب الإشغال الفندقي من صفر %، الأمر الذي انعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية للمنشآت والعاملين على حد سواء.
ويصف مراقبون النشاط السياحي للموسم الحالي بـ “الأسوأ منذ عقود”، إذ أن نسب إشغال الفنادق تصل في بعض المنتجعات إلى 1 % من عدد الغرف الفندقية وأخرى يقتصر النشاط السياحي فيها على أيام العطل الرسمية وبنسب متدنية جدا، مؤكدين أن استمرار الأوضاع الحالية لفترة أطول يهدد بإغلاق المنشآت السياحية لأبوابها.
ورغم ما تتمتع به المنطقة من أجواء مناسبة، إلا أن التراجع لم يقتصر على المنتجعات، بل طال جميع المنشآت السياحية من مطاعم وفنادق ومرافق سياحية أخرى خاصة تلك التي تعتمد على السياحة الخارجية بشكل مباشر.
وبحسب عاملين في القطاع السياحي فإن الحركة السياحية تراجعت بنسبة كبيرة جدا مقارنة بالعامين الماضيين، إذ أن انخفاض وتراجع الحركة لم يسبق له مثيل سوى خلال جائحة كورونا وما رافقها من اغلاقات، موضحين أن الحركة السياحية الداخلية وإن كانت مستمرة إلا أنها لا تقارن بالمواسم الماضية خصوصا خلال الفترة الحالية التي تتميز بأجوائها الدافئة والمشمسة.
ويضيف عدد من العاملين أن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم، مع ارتفاع كلف التشغيل والتي تسببت بخسائر كبيرة للقطاع، مؤكدين أن الأوضاع الحالية انعكست سلبا على أوضاع الموظفين الاقتصادية خاصة وأن عددا من
المنتجعات تسعى لتقليص أعداد الموظفين لخفض النفقات فيما تعمد أخرى إلى التشغيل على نظام المياومة حسب ما تقتضيه حاجة العمل.
ويؤكد المدير الإداري في فندق البحر الميت العلاجي محمد عربيات، أن الحركة السياحية تراجعت بشكل كبير منذ تأزم الأوضاع الأمنية في المنطقة، موضحا أن نسب الإشغال تدنت بمعدل كبير ووصلت إلى ما دون 5 %.
ويبين أن غياب السياحة الأجنبية ألحق ضررا كبيرا بالأعمال ما انعكس سلبا على قدرة المنتجعات على تلبية متطلبات استمرارية العمل، خصوصا فيما يتعلق بالكلف التشغيلية الكبيرة ما دفع بعضها إلى محاولة التكيف مع الأوضاع الحالية بتقنين المصروفات وهو ما أثر على الاستقرار الوظيفي لجزء من العاملين.
ويشير إلى أن القطاع السياحي لم يشهد مثل الأوضاع الحالية باستثناء فترة الإغلاقات خلال جائحة كورونا، لافتا إلى أن الأوضاع التي يمر بها القطاع السياحي حاليا غير مطمئنة وتتسبب يوميا بخسائر كبيرة للمستثمرين لأن الإيرادات لا تغطي النفقات المرتفعة.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت زيد السوالقة أن النشاط السياحي في منطقة البحر المیت تأثر تأثراً بالغا نتيجة الأحداث التي تعصف بالمنطقة والتي ألحقت ضررا بالقطاع السياحي في المنطقة بأكملها، موضحا أن غالبية المنتجعات السياحية تعتمد بشكل كبير على السياحة الأجنبية والإقليمية وبشكل قليل جدا على السياحة الداخلية المنهكة اقتصاديا.
ويضيف أن الانتكاسات السلبية طالت جميع القطاعات، إلا أن القطاع السياحي كان الأشد تضررا، قائلا، “المناخ العام أثر ايضا على السياحة الداخلية والتي عادة ما تنشط خلال الفترة الحالية خاصة أيام العطل في ظل الأجواء المناسبة والجاذبة للتنزه والاستجمام لتتراجع إلى نسب متدنية”.
إلا أن الأكثر تضررا بحسب السوالقة كان العاملون في القطاع السياحي، فمع تدني نسب الإشغال الفندقي توجهت العديد من المنتجعات إلى تقليص أعداد العاملين، في حين أن تراجع النشاط السياحي انعكس على مداخيل العاملين والتي يتم احتساب جزء منها بناء على حجم العمل في المنشآت.
يذكر أن النشاط السياحي في البحر الميت شهد عدة انتكاسات خلال السنوات الماضية أولها التراجع الكبير أثناء الأحداث الإقليمية في المنطقة بداية العام 2010 تلاه التراجع الذي شهده نتيجة الأزمة المالية العالمية وبعدها التراجع غير المسبوق نتيجة جائحة كورونا والإغلاقات، وآخرها ما يجري حاليا من أوضاع غير مستقرة.
ويوضح مدير متنزه الأمير حسين المهندس معن الصقور، أن الحركة السياحية في المتنزه شهدت الفترة الماضية نشاطا جيدا مع تحسن الأجواء في منطقة الأغوار والبحر الميت بشكل عام، لكنها ما تزال دون الـ50 %، مقارنة بالمواسم الماضية.
ويلفت إلى أن ما يقدمه المتنزه من خدمات مجانية هي السبب الأهم لتحسن الحركة السياحية، موضحا أن غالبية السياحة المحلية لا تقدر على دفع نفقات الدخول إلى المنتجعات السياحية المتواجدة في المنطقة، وهو الأمر الذي يبين انتشار السياح على الطرقات والمتنزهات المجانية والشواطئ المفتوحة.
وتعد منطقة البحر الميت إحدى أهم الوجهات السياحية العالمية ورائدة في مجال السياحة العلاجية، وتستقطب الكثير من السياح الأجانب، خاصة بعد قيام العديد من المشاريع الاستثمارية السياحية الضخمة التي وفرت بيئة سياحية ممتازة ومتنوعة للسائح سواء من الخارج أو الداخل.
الغد
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=32015