المؤثر الإخباري – هيفاء غيث
في ظل التحديات البيئية المتزايدة والحاجة الملحة لتقليل الانبعاثات الضارة، تسارعت وتيرة التحول نحو الطاقة المتجددة في الأردن، لاسيما في قطاع النقل. المركبات الكهربائية، التي كانت ذات يوم ندرة في شوارع الأردن، بدأت الآن تكتسب شعبية متزايدة، مدفوعة بمجموعة من الحوافز الحكومية وتحسن البنية التحتية للشحن. تعد هذه التطورات خطوة مهمة نحو تحقيق استدامة أكبر في الاقتصاد الأردني وتعزيز جودة الحياة العامة، حيث شهد السوق الأردني للمركبات الكهربائية نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث توقعت الدراسات زيادة معدل النمو السنوي المركب للسوق بنسبة 35.1% خلال الفترة من 2020 إلى 2026.
قال جهاد أبو ناصر ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة إن الاردن اليوم يتصدر الدول في انتشار المركبات الكهربائية، منوها الى أن 70% من السيارات التي دخلت السوق المحلية في عام 2024 هي سيارات تعمل على الكهرباء بالكامل الأمر الذي يظهر أن هناك توجه كامل من المواطن الاردني للتحول الى امتلاك مركبات كهربائية.
وذكر أن أهم قرار أدى الى سرعة انتشار المركبات الكهربائية في الاردن هو قرار فرض ضريبة خاصة بنسبة 10% على المركبات التي قدرة شحن بطاريتها أقل من 250 كيلو واط، و15% على المركبات التي قدرة بطاريتها أكثر من 250 كيلو واط والتي لا تشكل سوى نسبة ضئيلة وبالتالي فإن معظم مركبات الكهرباء التي تدخل السوق المحلي الآن تدفع ضريبة خاصة مقدارها 10% من قيمة تخمين المركبة، مشيرا الى أنها نسبة منخفضة جدا مقارنة بنسبة 55% للمركبات الهايبرد ونسبة أكثر من 95 % لمركبات البنزين، مؤكدا أن هناك توجه واضح من الحكومة الأردنية لدعم المركبات النظيفة (التي تعمل على الكهرباء بشكل كامل).
وأضاف أبو ناصر أن هناك تشجيع ايضا في نسبة الترخيص السنوي لمعظم المركبات الكهربائية حيث أن الترخيص السنوي للمركبات التي تعمل على الكهرباء بشكل كامل أو جزئي أقل بكثير من التي تعمل على البنزين بغض النظر عن ثمن المركبة، مشيرا الى أن الاردن كان سباقا في تبني السيارات الهايبرد منذ 15 عام وكان لهذا الاثر الاكبر الذي انعكس على الاردن حيث خمس السيارات الموجودة في الاردن إما هايبرد او تعمل على الكهرباء، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في الحد من تلوث الجو وانعكاسه الايجابي على البيئة والصحة والبيئة المستدامة والاقتصاد الاخضر، مؤكدا أن كلما زاد عدد السيارات الكهربائية لا شك ان البيئة سوف تتحسن ويقل التلوث فيها اما على الصعيد الاقتصادي انخفاض نسبة استهلاك الوقود سيخفف من استيراد الوقود الأحفوري على المدى البعيد والذي يعتبر من أهم مستنزفات خزينة الدولة.
كما صرح أبو ناصر أنه تم اسناد مهمة تطوير البنية التحتية لمحطات الشحن للقطاع الخاص الذي كانت وجهة نظره أنها على الأغلب غير مجدية لأن العمولة على كل كيلو واط كانت 3.5 قروش منوها أنه تم معالجة الامر من خلال قرار مجلس الوزراء برفع العمولة 5 فلسات لكل كيلو واط لتشجيع المستثمرين على إنشاء محطات شحن في مختلف مناطق المملكة، معبرا عن أسفه لعدم الانتشار الواسع لمحطات الشحن الى الآن مشيرا الى أن احد الاسباب هي ارتفاع كلفة استئجار الاراضي التي ستحول الى محطات للشحن وبالتالي ستكون الجدوى الاقتصادية بعيدة المدى بالإضافة الى التخوف من عدم ثبات القرارات الحكومية، وخصوصا بعد سماع الكثير من الاقاويل بفحوى التوقف عن استيراد هذا النوع من المركبات، وبالتالي توقف زخم المركبات الكهربائية في الاردن أو امكانية زيادة نسب الضريبة عليها والذي يؤدي الى التقليل من انتشارها، مضيفا أن دراسات الجدوى بعيدة المدى غير جاذبة بالنسبة للمستثمرين وهنا اما ان يكون هناك تطمينات من قبل الحكومة أو أن يكون هناك تدخل حكومي بتزويد المرافق العامة في البلديات وأمانة عمان بشواحن كهربائية بتكاليف قليلة حتى يتنشط هذا القطاع.
وأشارأبو ناصر الى أن 99% من المواطنين يستخدمون نقاط الشحن الموجودة في منازلهم وهذا يعتمد على وجود كراجات خاصة في كل بناية الأمر الذي يصعب تحقيقه لدى جميع المواطنين وبالتالي يحول دون امتلاكهم لهذه المركبات رغم حاجتهم الملحة لها نظرا لخاصية التوفير الكبير فيها لكن عدم توفر محطات شحن عامة يعتبر عائقا أمامهم.
وذكرأن الكثير ممن اشترو المركبات الكهربائية راضيا عن تجربته في المجمل، مشيرا الى أن معظم عمليات بيع المركبات الكهربائية التي تمت كانت بهدف التجديد والانتقال لمواصفات أعلى ولا سيما طاقة البطارية، منوها الى أن الأردن تعتبر في المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط الثالثة عالميا بعد الرويج وفنلندا من حيث انتشار استخدام المركبات الكهربائية.
وبالنسبة لصيانة المركبات الكهربائية قال أبو ناصر إن صيانتها يعتبر جزءا من صيانة مركبات الهايبرد التي تدمج بين محرك البنزين والمحرك الكهربائي بل تعتبر المركبة الكهربائية اقل تعقيدا لاحتوائها فقط على محرك كهربائي مشيرا الى أن خبرة الفنيين الطويلة في التعامل مع سيارات الهايبرد سهل الانتقال الى التعامل مع مركبات الكهرباء مع دخولها للاردن عام 2014، وانتشارالمركبات الصينية مع دخول عام 2021 ، ذاكرا أنه كان هناك بعض التحديات نتيجة لأن هذه الركبات جديدة حتى في بلادها، لكن الكثير من الفنيين استطاعو مواكبة هذا التطور رغم ذلك، مشيرا الى صدور قرار مجلس الوزراء بالزامية الكفالة لكل مركبة يتم بيعها في السوق المحلي ، حيث تحصل كل مركبة عدادها صفر على كفالة مدتها 3 سنوات الامر الذي ساهم في انتشار مراكز صيانة ذات كفاءة عالية تضاهي أعلى المستويات العالمية وقادرة على التعامل مع أي اشكال أو خطأ يخص هذه المركبات، حيث يعتبر الأردن اليوم متطور جدا بما يخص التقنيات الفنية لهذه المركبات بشكل يواكب التطور في الدول المتطورة، مؤكدا أن مراكز الصيانة مجبرة بالقانون أن توفر القطع اللازمة لاصلاح وصيانة أي مركبة تدخل البلد ويتم كفالتها الأمر الذي أدى الى تدفق القطع والاستثمار في استيرادها وتوفيرها.
وبالنسبة لانخفاض أسعار مركبات الكهرباء في الأردن أوضح أبو ناصر أنه حدث انخفاض على أسعار المركبات الكهربائية وكل المركبات ايضا، حيث كان هناك نتيجة أزمة كورونا خلل في سلاسل التوريد بالإضافة الى مشكلة أشباه الموصلات التي حدثت أثناء الجائحة الأمر الذي أدى الى ارتفاع عالمي بأسعار المركبات نتيجة ازدياد الطلب ومع استقرار الأسواق في منتصف عام 2022 بدأ السوق بالاستقرار والرجوع لوضعه الطبيعي ومن ثم مع بداية عام 2023 تحديدا صار العرض أكثر من الطلب، مشيرا الى حرب الأسعار التي بدأت بين شركة TESLA الأمريكية وشركة BYD الصينية والتي أطاحت بالعديد من باقي الشركات ودخلو في خضم هذا التسارع والمنافسة، مما أدى الى انخفاض الأسعار بشكل متطرد، ولحقه انخفاض في الأسعار في بداية عام 2024.
وعبر أبو ناصر عن أسفه حيال انتشار بعض الشائعات في الآونة الأخيرة بشأن صدور قرارات حكومية قد تحد من أو قد تصل الى ايقاف استيراد المركبات الكهربائية في حال صدقت هذه الشائعات، موضحا أن التخليص على هذه المركبات سيشكل ما لايقل عن 75% من اعداد المركبات الداخلة الى السوق المحلي على المدى البعيد في حال بقي الوضع كما هو عليه.
كما أشار إلى البطاريات الصلبة معرفا اياها أنها تركيبة حديثة للبطاريات الكهربائية ، منوها الى ارتفاع كلفتها الى جانب ميزاتها العالية، حيث تعتبر أكثر أمانا، وأكثر قدرة على تخزين الطاقة بنفس حجم البطارية التي تستخدم الليثيوم السائل، مؤكدا أنه في الوقت الحالي لا يوجد انتاج تجاري لهذه البطاريات بسعر منافس، وذكر أنه وردت بعض الأخبار مؤخرا تفيد بأن احدى الشركات ستورد للأسواق البطارية شبه الصلبة والتي تعتبر خطوة باتجاه البطاريات الصلبة، مضيفا أن الكثير من الشركات المصنعة للبطاريات اليوم تقول أ”نه في الوقت الذي سنكون فيه قادرين على انتاج بطارية صلبة آمنة بثمن معقول ستكون البطاريات السائلة قد تطورت بشكل يغطي على احتياج السوق للبطارية الصلبة من ناحية الأمان وقدرة التخزين لأن غالبية الاستثمارات اليوم تتم في البطاريات السائلة، لهذا السبب غالبا لن نحتاج للبطارية الصلبة للمركبات او أنه لن يكون لها تأثيركما لو نزلت الى الأسواق اليوم بالاضافة الى أنه في بداية انتاجها ستكون مرتفعة السعر نظرا لشح الانتاج”، مؤكدا أنه حاليا لا وجود لبطاريات صلبة في الأردن ولا أي دولة أخرى في السيارات الموجودة حاليا.
تبرز المركبات الكهربائية في الأردن كرمز للتقدم التكنولوجي والوعي البيئي، لما تقدمه من فرص جيدة لتقليل التلوث والاعتماد على الوقود الأحفوري، رغم التحديات التي لا زالت تواجهها، بما في ذلك تكاليف الشراء المرتفعة ونقص البنية التحتية للشحن، فهل يبدو مستقبل المركبات الكهربائية في الأردن مبشرًا؟ وهل يكون الطريق نحو زيادة استخدام المركبات الكهربائية سهلاً؟
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=40051