بينما تواجه الحكومة صعوبة في تمويل مشاريع كبرى في قطاع الطاقة، يؤكد خبراء أن الحاجة باتت حقيقية للشراكة مع القطاع الخاص لأداء دوره المطلوب.
لكن الخبراء يشددون على أن تشجيع القطاع الخاص لدعم وتمويل المشاريع الكبرى لا بد أن يتضمن تقديم حزمة حوافز وتسهيلات حقيقية قابلة للتطبيق وبيان أهم الفرص المتاحة للاستثمار في القطاع وتفاصيلها.
ويقول المستثمر في القطاع د. فراس بلاسمة إن “دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية في قطاع الطاقة في الأردن يمكن أن يكون محوريًا ومتعدد الأوجه”.
وبين أن أبرز هذه الأوجه هو الاستثمار إذ يمكن للقطاع الخاص أن يضخ استثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يساهم في تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري إضافة إلى الابتكار، إذ بإمكان الشركات الخاصة تطوير تقنيات جديدة ومبتكرة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وإنتاجها.
كما يمكن ذلك من بناء الشراكات إذ يمكن للقطاع الخاص التعاون مع الحكومة والمؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير مشاريع طاقة مستدامة، ودعم البحث والتطوير في هذا المجال، إضافة إلى التدريب وتطوير المهارات لتلبية احتياجات قطاع الطاقة المتنامي، وتوفير فرص عمل جديدة في المجال.
ويدخل دور القطاع الخاص أيضا بحسب بلاسمة في تعزيز الكفاءة والمنافسة وتخفض التكاليف، وتحقيق الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية.
ولتحقيق أمن الطاقة، يمكن للدول والقطاع الخاص تنفيذ عدة مشاريع نوعية تشمل مشاريع الطاقة المتجددة إذ تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتوفر مصادر طاقة مستدامة وطويلة الأمد، إضافة إلى تحديث البنية التحتية للطاقة.
كما يتاح للقطاع الخاص تنفيذ مشاريع تخزين الطاقة مثل تطوير تقنيات تخزين الطاقة مثل بطاريات الليثيوم-أيون، مشاريع تخزين الطاقة المضغوطة، وتخزين الطاقة الحرارية للمساعدة في توازن العرض والطلب وتقديم الطاقة بشكل مستمر، إضافة إلى مشاريع تحسين كفاءة الطاقة، وعقد الشراكات الدولية والإقليمية، والمساهمة في الاستثمار في البحث وتطبيق سياسات الدعم والتحفيز.
وبين بلاسمة أنه لتمكين القطاع الخاص من أداء دوره بفعالية في تطوير قطاع الطاقة وغيره من القطاعات، يجب العمل على تحسين البيئة التنظيمية وتبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير إطار تنظيمي واضح وثابت يحمي حقوق المستثمرين ويعزز الشفافية، وتقديم الحوافز الاقتصادية للمستثمرين مثل الإعفاءات الضريبية وغيرها.
كما يتطلب ذلك الاستثمار في تطوير البنية التحتية اللازمة مثل الطرق، الكهرباء، والاتصالات لتسهيل عمل الشركات، والتعليم وتطوير المهارات وتسهيل وصول الشركات الخاصة إلى مصادر التمويل المختلفة.
وقال بلاسمة “من هذه العوامل أيضا تشجيع إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع كبيرة ومعقدة تتطلب موارد وخبرات متعددة، وحماية الملكية الفكرية وتطوير سوق محلي قوي يسمح للشركات بالنمو والتوسع، وتوفير فرص الوصول إلى أسواق التصدير.
ولفت أيضا إلى أهمية توفير بيئة سياسية واقتصادية مستقرة تشجع الاستثمار وتقلل من المخاطر، وإقامة قنوات تواصل بين القطاع الخاص والحكومة لمناقشة التحديات وإيجاد الحلول المناسبة وتكييف السياسات لتلبية احتياجات التنمية المستمرة.
وبينت المستشارة في القطاع رانيا الهنداوي أن “ظروف المنطقة تحتم التوجه والتركيز على المصادر المحلية للطاقة ضمن توجهات تعزيز أمن التزود بها وهذا يتطلب مساهمة أكبر من القطاع الخاص في الاستثمار في مشاريع تزيد مساهمة المصادر المحلية خصوصا من الطاقة المتجددة والصخر الزيتي”.
ويأتي هنا دور الحكومة في تيسير الإجراءات أمام القطاع الخاص وتخفيض كلفه الاستثمارية، وتنظيم عملية الإعفاءات بحيث تكون مدروسة ووفق أسس بما يتيح أيضا خفض الكلف على القطاعات المرتبطة بقطاع الطاقة والمتأثرة فيه.
من جهته، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة إن “القطاع العام لم يعد قادرا وحده على الاستثمار في المشاريع الكبرى في مختلف القطاعات وليس قطاع الطاقة وحده”.
وبين أن المشاريع الكبرى التي يحتاجها قطاع الطاقة تحتاج تمويلا بسقوف عالية وهنا يأتي دور القطاع الخاص باعتباره الأقدر على تمويل هذه المشاريع في ظل محدودية مخصصات الإنفاق الرأسمالي في موازنة الحكومة.
ولتمكين القطاع الخاص من ذلك، أكد المدادحة أهمية تشجيع المستثمرين من خلال بيان وتوضيح الفرص الاستثمارية المتاحة وميزاتها وزيادة جهود ترويج وتسويق هذه الفرص.
كما ركز على ضرورة الحفاظ على المستثمرين وعدم تنفيرهم وتوفير الحوافز لبقائهم في المملكة.
وشدد مدادحة أيضا على مساعدة المستثمرين في التغلب على العقبات التشريعية الإدارية وتوفير البنية التحتية المناسبة والمطلوبة، خصوصا وأن الاستثمار في قطاع الطاقة غالبا ما يكون في مناطق مفتوحة وليس محصورا في المدن الصناعية على سبيل المثال.
يذكر أن مشروع موازنة العام 2024 قدر إجمالي النفقات الجارية والرأسمالية في وزارة الطاقة والثروة المعدنية بنحو 32.3 مليون دينار مقارنة بنحو 26.3 مليون معاد تقديرها للعام 2023 وبزيادة نسبتها 23 %.
وتوزعت هذه النفقات المقدرة بين نفقات جارية بنحو 6.5 مليون دينار مقارنة مع 6.2 مليون معاد تقديرها عن العام 2023 بفارق 274 ألف دينار بزيادة 4.8 %.
أما النفقات الرأسمالية فتم تقديرها بنحو 25.7 مليون دينار مقارنة مع نحو 20.1 مليون معاد تقديرها عن العام 2023، بفارق يقارب 5.6 مليون دينار وبزيادة نسبتها نحو 27.8 %.
الغد
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=31587