خلال الأيام القليلة الماضية، تم الإعلان عن عدد من الإخفاقات الأمريكية بشأن برنامجها الطموح للعودة إلى القمر. فقد أعلنت شركة أستروبوتيك الأميركية الناشئة أن “لا أمل” لمركبتها بيريغرين في الهبوط بسلاسة على سطح القمر. بينما أعلنت وكالة “ناسا” أنها أخّرت بنحو سنة المهمتين المُقبلتين من برنامجها “أرتيميس”. في الوقت نفسه، تستعد دول عدة من بينها الصين واليابان إلى إنزال مركبات قمرية جديدة ضمن ما سُمي بالسباق إلى القمر. فهل تتجه الولايات المتحدة نحو الفشل؟
“طموحات الولايات المتحدة القمرية تلقّت ضربة قاسية”، هكذا عنونت وكالة فرانس برس مقالها بعد إعلانات جديدة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وشركائها. إذ واجهت أول مركبة أميركية كان من المفترض أن تهبط على القمر منذ أكثر من خمسين عاما فقداناً للوقود خلال رحلتها، على ما أعلنت شركة “أستروبوتيك” المصنّعة.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت ناسا أنها أخّرت المهمتين المقبلتين والمأهولتين من برنامجها الكبير للعودة إلى القمر “أرتيميس”. وعلّلت ناسا هذا التأجيل بضرورة إجراء عمليات تدقيق إضافية في مستلزمات الأمان، وخصوصاً في الدرع الحرارية للكبسولة “أوريون” التي ستحمل الطاقم. كما يعود التأجيل إلى التأخّر في إنجاز عُنصرين أساسييْن للمهمة، هما مركبة الهبوط على القمر “ستارشيب” التي أُسندت إلى شركة “سبايس إكس”، والبزات الفضائية التي عُهِد بها إلى شركة “أكسيوم سبايس”.
استراتجية فاشلة ؟
مع هذه الإعلانات، قد يبدو المشروع القمري الأمريكي مُهددا. لكن، حسب مُتابعتنا لما يدور في الأوساط المختصة، لا يوجد قلق كبير بشأن مستقبل مشروع العودة إلى القمر. فوكالة ناسا تبني حاليا مشروعا قمريا ضخما ومتعدد الجوانب على المدى المتوسط والبعيد. ولا يقتصر الأمر على النزول مرة أو مرتين على سطح القمر لإظهار قوة الولايات المتحدة التكنولوجية كما كان الحال قبل أكثر من نصف قرن مع مهمات أبولو. بل هو مشروع يهدف إلى جعل القمر وجهة عادية للإنسان، يذهب إليها ويعود كما يشاء، مثل ما يحصل حاليا في محطة الفضاء الدولية ISS.
للوصول إلى هذا الهدف، اختارت وكالة ناسا استراتيجية جديدة، فيما سُمي ب New Space، “الفضاء الجديد”، وهي استراتيجية الاعتماد على الشركات الخاصة لتطوير هذا الجزء أو ذاك من مشروعها الكبير والمُتشعب، مع الحفاظ على كفاءاتها الخاصة لتطوير لُب وقلب المشروع.
هي بذلك تُحفز الابتكار عبر بث روح التنافس بين الشركات التي تتسابق فيما بينها لتطوير هذا الجزء أو ذاك من المشروع، وما يسمح أيضا بتوفير كثير من المال عبر إيجاد وسائل تقنية أقل كُلفة وفي مدة زمنية قصيرة نسبيا. ولا يخشى المُصنعون الخواص الفشل مرحليا في مشاريعهم إذ يُظهر كل فشل آني عيوب آلالاتهم فيُسرّعون في إصلاحها حسب فلسفة طوّرها مدير شركة “سبيس إكس”، إيلون ماسك.
منافسة دولية مُستعرة
لكن، هل يمكن للإخفاقات المرحلية أن تؤثر على الرأي العام الأمريكي؟ سؤال يُطرح بالنظر لإعلان دول مُنافسة للولايات المتحدة إنجازات في الفترة الأخيرة. فقد نجحت الهند، صيف العام الماضي، من إنزال مركبة على القمر بتكلفة ضعيفة نسبيا لتكون رابع دولة تنجح في ذلك بعد روسيا والولايات المتحدة والصين. وقد تكون اليابان الدولة الخامسة التي ستنجح في ذلك. إذ تدور حاليا حول القمر مركبة نجحت اليابان في إطلاقها في سبتمبر/أيلول الماضي ضمن المهمة المسماة “سليم”. وستتم محاولة إنزال المركبة “سليم” بهدوء وبدقة على سطح القمر خلال نهاية شهر يناير/كانون الثاني. هذا وحققت الصين العديد من الإنجازات على سطح القمر في السنوات الأخيرة عبر مهمات Chang’e. وستطلق بكين بدورها نهاية هذا العام Chang’e-6 نحو القمر لإحضار عينات من سطحه غير المرئي بوزن يفوق كيلوغرميْن.
كل هذه المنافسة قد تحفز وكالة الفضاء الأمريكية على العمل أكثر لإنجاح برنامج أرتيميس القمري. لكن لا مقارنة بين ما تهدف إليه الولايات المتحدة حاليا وما تقوم به الدول المُنافسة. يُعتبر أرتيميس برنامجا على المدى المتوسط والبعيد ليصبح القمر وجهة عادية لرحلات رجال ونساء فضاء يحطون على سطحه بشكل دوري لاستغلال ثرواته على ما يبدو. يبقى السؤال : هل لأمريكا المال والصبر الكافييْن على مدى عقود قادمة من أجل النجاح في هذا المشروع؟
فرانس24
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=32199