رغم كل الجهود المبذولة من الجهات المعنية لإبقاء “السياحة الشتوية” في محافظة عجلون ضمن مستويات مقبولة، بحيث تضمن إدامة العمل بالمواقع الأثرية والمشاريع والمنشآت السياحية، إلا أن تلك الجهود عادة ما تتعثر وتتوقف، كما يحدث بإغلاق التلفريك خلال المنخفضات الجوية، بداعي الأمطار الغزيرة والضباب وهبوب الرياح الشديدة.
هذا الحال، دفع ناشطين وأصحاب مشاريع سياحية إلى التساؤل عن الوسائل والتدابير التي يمكن اتخاذها لتجاوز هذه المشكلة، بحيث تضمن إدامة عمل التلفريك خلال تلك الظروف الجوية التي قد تمتد لأيام طويلة، أو البحث عن طرق بديلة تبقي الظروف مهيأة لاستقبال المجموعات السياحية.
ويقول رئيس لجنة السياحة والآثار بمجلس المحافظة متذر الزغول، إن إقامة المشاريع السياحية في المحافظة من أساسيات التنمية فيها، بحيث تساهم في تشغيل الأيدي العاملة، ما يستدعي توجيه الدعم لتنشيط السياحة الشتوية، لتكون أمرا مهما لزيادة أيام العمل، وبيئة ملائمة لاستيعاب الزوار للمنطقة في مختلف الأوقات.
وأكد أن أجواء الشتاء يجب أن تجذب آلاف المتنزهين للاستمتاع بالمناظر الجميلة، ومشاهدة الأودية والينابيع المتفجرة، وتجمع المياه في سد كفرنجة وحتى خلال تساقط وتراكم الثلوج، ما يستدعي تسليط الضوء على المواقع السياحية، التي يمكن أن تقام فيها استثمارات سياحية جاذبة للزوار خلال الشتاء، وتوفير المنح والقروض لإقامة المشاريع الملائمة للشتاء، وإيجاد حلول فنية لمشكلة توقف التلفريك خلال المنخفضات الجوية.
وكانت المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والمناطق التنموية أعلنت أول من أمس، عن عدم توافر إمكانية تشغيل تلفريك عجلون خلال يومي الخميس والجمعة من الأسبوع الحالي بسبب المنخفض الجوي وما يتخلله من شدة الرياح المتوقعة.
وقال مدير ترويج الاستثمار والإعلام والاتصال في المجموعة أمجد الوديان، إن المجموعة قررت مع شركة النقليات السياحية الأردنية، تأجيل موعد البدء بانطلاق الرحلات المشتركة إلى التلفريك إلى 19 من الشهر الحالي.
وأعلنت المجموعة أن استقبال زوار التلفريك في فصل الشتاء يمتد من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء يومياً، ما عدا يوم الثلاثاء من كل أسبوع، بحيث يبدأ بيع التذاكر في تمام الساعة 11 صباحاً.
يذكر أن المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية وقعت مؤخرا اتفاقية مع شركة النقليات السياحية الأردنية، لدعم السياحة الداخلية، من خلال استحداث خط نقل مباشر من عمّان إلى تلفريك عجلون والعودة، وبأسعار مخفضّة.
وقال مدير المناطق التنموية، يوسف عرفات، إنّ هذه الاتفاقية تهدف إلى تحسين تجربة الزائر والترويج لتلفريك عجلون، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى ستخضع للتقييم خلال الفترة المقبلة ودراسة التحديات ومجالات التطوير.
وأضاف أن المجموعة تعمل على دراسة المواقع الأثرية والسياحية في عجلون وإضافتها لمسارات التنقل مستقبلاً لتوفير خيارات أكثر للزائرين، مشيرًا إلى إطلاق خدمة “بلا دور” الإلكترونية قريبا، التي تهدف إلى تقليل الوقت الضائع على الزوار في حجز التذاكر في عجلون.
بدوره قال المدير العام لشركة النقليات السياحية الأردنية، خالد اللحام، إن الاتفاقية تأتي في صلب التوجيهات الملكية لدعم تلفريك عجلون.
وأوضح أن العمل بخط النقل الجديد سيبدأ اعتبارا من الجمعة 12 كانون الثاني (يناير) 2024، من خلال رحلتين، الأولى ستنطلق من محطة العبدلي الساعة 10 صباحاً، والثانية من محطة السابع الساعة 10:30 صباحاً، وسيكون سعر التذاكر عبر الخط الجديد للأردنيين والمقيمين 5 دنانير للكبار و3 دنانير للأطفال، بالإضافة إلى توفرها عبر التطبيق الإلكتروني للشركة وفي مكاتبها.
ويقول مشرف على أحد المخيمات السياحية عمران الشرع إن السياحة الشتوية في المحافظة تبقى مرهونة باستمرار تشغيل التلفريك وبقاء المسارات السياحية عاملة طيلة فصل الشتاء الذي يمتد لزهاء 5 أشهر، ما سيشكل قيمة مضافة للمواقع الأثرية قرب التلفريك والمشاريع السياحية على امتداد المسارات السياحية، ويضمن تشغيلها وجني إيرادات تضمن ديمومتها والحفاظ على العاملين فيها.
قي المقابل، تؤكد مديرية السياحة في المحافظة أن الوفود السياحية ما تزال تزور المواقع الأثرية وبعض المسارات بأعداد جيدة.
بينما يتساءل علي الصمادي عن الطريقة التي يمكن من خلالها تجاوز مشكلة توقف التلفريك في الحالات الجوية غير المستقرة، كالأمطار الغزيرة وهبوب الرياح الشديدة، مؤكدا أن بقاء عمل التلفريك وقدوم الوفود السياحية سيبعد عجلون عن “سباتها الشتوي”، كما كان في سنوات سابقة، داعيا إلى تنشيط المسارات وتجويد البنى الملائمة للسياحة الشتوية، للتخفيف من حدة هذا الركود.
وطالب الناشط هاشم القضاة باستمرار عمل برامج وزارة السياحة خلال الشتاء كبرنامج “أردننا جنة” لتنشيط المسارات السياحية، لافتا لأهمية إقامة المرافق السياحية المؤهلة لاستقبال الزوار خلال الشتاء واستغلال مناطق الأودية والشلالات في راجب وكفرنجة وحلاوة وعرجان باعتبارها مناطق جذب سياحي خصوصا خلال تساقط الأمطار والثلوج، مشيرا إلى أهمية تأهيل واستمرار التلفريك للعمل خلال الأمطار وتساقط الثلوج، مطالبا بوضع الأودية ضمن المسار السياحي وضرورة الاهتمام بها خصوصا وادي زقيق الذي يشهد حركة سياحية نشطة خلال الربيع والصيف، وتتراجع خلال الشتاء.
وأكد حمزة شويات أن افتقار المواقع الأثرية والمشاريع السياحية للبنى التحتية المناسبة لموسم الأمطار، يسهم بتراجع الإيرادات السياحية، إذ تضيع 5 أشهر من كل سنة من دون مردود حقيقي لأصحاب تلك المشاريع، مبينا أن تحسين البنى التحتية المؤدية إلى المشاريع السياحية، سيشجع أصحابها على تأهيلها بما يتناسب وديمومة الحركة السياحية طيلة الشتاء، وتوفير الدعم من قروض ومنح لأصحاب المشاريع، لتطوير استثماراتهم بما يتلاءم والسياحة الشتوية، ويضمن الإبقاء على فرص العمل والعاملين في المشاريع.
وقال حسين المومني إن آلاف الزوار من خارج المحافظة، يغتنمون تساقط الثلوج على مناطق المحافظة شتاء، للقدوم مع أسرهم والاستمتاع بالأجواء، ما قد يتيح للمشاريع السياحية الاستفادة منها، وهو ما يستدعي من القطاعين العام والخاص، ضرورة اغتنام فترة الشتاء في السياحة الشتوية، بتوفير مخيمات سياحية مؤهلة، ومواقع للإقامة وسط الغابات تكون آمنة خلال تساقط وتراكم الثلوج، وتخصيص مواقع مؤهلة ومحددة ومجهزة بوسائل السلامة والأمان لممارسة رياضة المغامرة.
ووفق الأرقام الرسمية فإن المحافظة تسجل حتى نهاية تشرين الثاني، وقبل دخول الشتاء في كل عام زهاء مليون ونصف مليون زائر، بحيث تشمل أعداد المتنزهين وزوار قلعة عجلون التاريخية وموقع مار الياس المعتمد من قبل الفاتيكان للحج المسيحي، ومشروع التلفريك و6 مسارات سياحية رئيسة وأخرى متفرعة عنها.
وطالب بضرورة تنشيط الحركة السياحية شتاء، وإيجاد برامج وأنشطة ملائمة، مشيرا إلى أن هذه السياحة تلقى رواجا محدودا في المحافظة، ما يتطلب تجاوز العوائق وإيجاد البنى التحتية المناسبة.
يذكر أن المحافظة، تشهد قدوم وفود سياحية أوروبية ومجموعات سياحية بين شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (اكتوبر) لزيارة المسارات السياحية، ما ينعكس إيجابا على مشاريع الإيواء وبيوت الضيافة والمطاعم.
ووفق أرقام السياحة والآثار، فإن عدد زوار قلعة عجلون وموقع مار الياس المعتمد من قبل الفاتيكان للحج المسيحي للعام الماضي بلغ 517322 زائر من الأردنيين والعرب ومختلف الجنسيات.
وكشفت الأرقام أن زوار القلعة لنفس الفترة من العرب بلغ 181950 ومار الياس 5900 ، فيما بلغ زوار القلعة من الأجانب 119400 ومار الياس 3000.
الغد
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=32102