المؤثر – فرادة يتمتع بها البحر الميت، فهو البحر الوحيد بلا منافس لموقعه وخصائصه العلاجية، لكن هذه المرة في مجال “السياحة الاستشفائية” ذات الصلة بأمراض الجهاز التنفسي، غير أن واقع المنطقة ما يزال يؤكد الحاجة لمرافق أكثر تخدم قاصدي العلاج من دول العالم.
أهم ميزة موجودة في البحر الميت هي نسبة الأكسجين الموجودة كونه يتواجد في أخفض نقطة في العالم (ينخفض عن مستوى سطح البحر بمقدار 427 متر تقريباً) ما يجعله مهما ليس فقط في سياحة استخدام المياه او الطين لعلاج الامراض الجلدية، بل وتوفير الفرصة لمرضى القلب والجهاز التنفسي والعصبي والحركي ومرضى السكري من الاستفادة من أكسجين البحر الميت في العلاج، وليس هذا فقط بل يحتوى البحر الميت على 21 ملحا معدنيا مفيدة للإنسان.
ويؤكد وزير الصحة الدكتور فراس الهواري في تصريحات أن “التجربة الأليمة في جائحة كورونا أبرزت حاجة مرضى الجهاز التنفسي للأكسجين، مثل مرضى القلب والجهاز التنفسي والعصبي والحركي ومرضى السكري، في وقت نشهد فيه زيادة في نسب كبار السن ما يزيد على 60 و65 عاما، وما يصاحبهم من أمراض في هذا العمر، حيث إن هؤلاء الأشخاص اكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي ومنها الانسداد الرئوي المزمن وفشل القلب”.
ويضيف الدكتور الهواري أن هؤلاء المرضى بحاجة لإعادة تأهيلهم ونتحدث عن التأهيل رياضيا وبدنيا (…) فإذا استطعنا اليوم بناء مواقع استشفائية ولا نتحدث هنا عن مستشفيات فيمكن توفير المنتجعات، مع توفر الغذاء الصحيح والتدريب الصحيح يستطيع هؤلاء الأشخاص المكوث لفترات طويلة”. “غير أن هذا – بحسب الدكتور الهواري- يتطلب مرافق محيطة بدلا من أن ننتظر تطور المنطقة حتى نبني هذه المرافق”.
جذب سياحي يصطدم بنقص بنية تحتية
ورغم اعتماد البحر الميت كواحدة من أشهر مناطق السياحة العلاجية على مستوى العالم، إذ إن المنطقة باتت معروفة في علاج العديد من الأمراض كالروماتيزم والنقرس والصدفية والبهاق والامراض الجلدية والامراض الصدرية، ما تزال منطقة البحر الميت تعاني من نقص في البنية التحتية في هذا المجال، أقلها غياب مراكز ومستشفيات تلبي متطلبات آلاف القاصدين للمنطقة بهدف العلاج.
يشير الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت زيد سوالقه إلى ان المناخ الحار صيفا والمعتدل شتاء يعد احد اهم عوامل الجذب السياحي سواء للسياحة الداخلية او الأجنبية، ما دفع الحكومة الى النهوض بالمنطقة وافساح المجال للقطاع الخاص بإنشاء المنتجعات لتوفير الخدمة الفضلى للأعداد المتزايدة من الزوار، لافتا الى انه ورغم التطور الكبير الذي شهدته خلال العقود الماضية، إلا أن منطقة البحر الميت ما تزال تحتاج الى المزيد من البنى التحتية المتخصصة بالسياحة العلاجية والاستشفائية كونها تمتلك الكثير من المقومات كمياه البحر الميت الغنية بالعناصر المعدنية والاملاح الكثيفة وطين البحر الميت العلاجي والرمال المعدنية والمياه الساخنة في منطقة الزارة. ويؤكد انه يوجد العديد من التحديات التي تواجه آلاف السياح الذين يقصدون المنطقة للعلاج بدءا من عدم توفر مراكز او مستشفيات متخصصة توائم متطلباتهم ما يدفعهم الى التوجه نحو الشواطئ المفتوحة او المياه الساخنة دون وجود ادنى رعاية او اهتمام.
ويقول سوالقه ” آن الأوان الى التفكير جديا بإنشاء مستشفى متخصص للسياحة العلاجية في منطقة البحر الميت يوفر كافة الخدمات العلاجية اللازمة من أطباء ومختصين اذ لا يوجد حاليا سوى مركز واحد متخصص بالعلاج بالعناصر الطبيعية المستخرجة من البحر الميت”.
ويضيف ان من اهم التحديات التي تواجه السياح في منطقة البحر الميت بشكل عام ارتفاع كلف المبيت مقارنة بدول الجوار، ما يزيد من كلف السياحة العلاجية بشكل اكبر، لأن اغلب برامج العلاج تحتاج الى اكثر من 14 يوما، الامر الذي يتسبب عادة بعزوف عدد كبير من السياح.
بدورهم يؤكد عاملون في القطاع السياحي أن الطلب المتزايد على السياحة العلاجية والاستشفائية يتطلب تكاتف الجهود للنهوض بهذا القطاع المهم من خلال توفير مراكز علاجية متخصصة، مشيرين الى ان عددا كبيرا من السياح الذين يؤمون المنطقة يقصدون العلاج من امراض الصدفية والبهاق وحب الشباب والروماتيزم والامراض الصدرية التي يوصى بالعلاج بالأكسجين النقي.
ويرى معنيون أن منطقة البحر الميت بما تشهده من حركة سياحية متزايدة تحتاج الى مستشفى عام لتلبية احتياجات المرضى من السياح، تتوفر فيه اجهزة حديثة وكوادر مؤهلة، ويمكن تخصيص قسم خاص منه للاستشفاء بمنتجات البحر الميت، مشددين على ضرورة توجيه المستثمرين لإنشاء مثل هذا المستشفى بالتشاركية مع المنتجعات الموجودة في المنطقة.
.. بانتظار حوافز استثمارية
في غضون ذلك، يدعو خبراء إلى ضرورة تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في قطاع سياحة الاستشفاء عبر تقديم مجموعة من الحوافز في خطوة تهدف إلى استغلال المقومات التي تتمتع بها المملكة في هذا القطاع.
وشدد هؤلاء على أن المملكة لديها مقومات كثيرة تؤهلها للاستثمار في قطاع سياحة الاستشفاء ولا بد من استغلالها ليكون الأردن من اهم الوجهات السياحية في هذا المجال.
وقال رئيس جمعية المستشفيات الخاصة د. فوزي الحموري “السياحة العلاجية والاستشفائية مهمة لتحفيز الاقتصاد الوطني ونسبة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 4 %”، وبين أن حجم السياحة الاستشفائية يصل الى 700 مليار دولار سنويا على مستوى العالم. وأشار الى وجود مقومات في المملكة تعزز مكانتها على مستوى العالم خاصة البحر الميت الذي يعتبر اكبر منتجع طبيعي في العالم.
وبين الحموري أهمية التسويق والترويج لجذب الاستثمارات السياحية والطبية من خلال إقامة مراكز طبية وتوسعة المنتجعات الفندقية في البحر الميت لتكون منطقة يتوفر فيها الخدمات التي يحتاجها السائح.
وبين ان الميزة التنافسية من اهم مقومات جذب الاستثمار ويجب تسويق الميزات اذ إن ما يهم المستثمر هي الحوافز التي سيحصل عليها جراء قدومه لإقامة مشاريعه الاستثمارية.
وأشار الحموري الى تنشيط وتفعيل دور هيئة تنشيط السياحة في التسويق والترويج الى المملكة لتكون وجهة سياحة لمختلف انواع السياحة والعمل بشكل جماعي لتحقيق عوائد ملموسة وملحوظة.
وقالت وزيرة السياحة والآثار السابقة مها الخطيب أهمية أن توفر الحكومة بيئة استثمارية متكاملة لجذب الاستثمار، مؤكدة ضرورة أن توفر الحكومة البنية التحتية المناسبة للبيئة الاستثمارية.
وأضافت “يجب اشراك القطاع الخاص وتشجيعه للاستثمار في هذا القطاع نظرا لأن الحكومة غير مهتمة في الاستثمار بنفسها ويجب ان ينحصر عملها في تسهيل مهام ودخول المستثمر إضافة الى توفير بيئة مناسبة وخدمات كاملة لإقامة الاستثمارات في أي منطقة من مناطق المملكة”.
وأشارت الى أهمية تقديم الخدمات المحيطة في البيئة الاستثمارية ليكون المشهد متكاملا من قبل كل الأطراف.
وبينت انه يجب أن تكون لدى الحكومة رؤية في إعطاء القطاع الخاص حوافز وتسهيلات وهامش ربح معقولا ليستطيع الاستثمار في هذا المجال.
وقال عضو مجلس إدارة جمعية المستشفيات الخاصة د. أحمد الأحمد “سياحة الاستشفاء تحتاج الى رؤية موحدة بين الحكومة والقطاع الخاص لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع”.
وأكد الأحمد أن المملكة تمتلك مقومات كبيرة في جذب الاستثمار فيها وتطوير تقديم خدماتها يجب استغلالها واستثمارها ليكون الأردن من اهم الوجهات السياحية في هذا المجال.
وأضاف “يجب الترويج والتسويق للمملكة بشكل مناسب لتشجيع الاستثمار في الأردن واستقطابه” مبينا أن إقامة المشاريع ليس كافيا دون تسويق وترويج.
وأشار إلى أن المملكة تستقبل سنويا 250 ألف سائح لغايات العلاج والاستشفاء.
وقال عضو مجلس جمعية وكلاء السياحة والسفر محمود خصاونة إلى أن الجمعية تعمل على تنويع البرامج السياحية لجذب اكبر عدد ممكن من مختلف انواع السياح.
وأكد الخصاونة أن وكلاء السياحة والسفر قاموا بإبرام اتفاقيات مع المستشفيات والفنادق لتقديم برامج سياحية متكاملة والعمل على تسويقها بمختلف دول العالم.
وأضاف “وكلاء السياحة والسفر تستهدف سياح العلاج والاستشفاء من مختلف دول العالم” مؤكدا ان نحو 75 % من سياح العلاج من اليمن والعراق ومختلف دول الخليج.
وطالب الخصاونة الجهات المعنية بتقديم تسهيلات لقدوم الجنسيات المختلفة الى المملكة بهدف العلاج والاستشفاء.
كما طالب بتخفيض الضرائب على كل سائح قادم الى المملكة لغاية الاستشفاء والعلاج ويجب ان يحصل على أسعار تفضيلية ومعاملة خاصة لإطالة مدة اقامته في المملكة وبالتالي ينشط الحركة الاقتصادية بشكل ملفت.
وطالب الخصاونة بالعمل على استقطاب المستثمرين من خلال تحفيزهم وتقديم خدمات تسهل دخولهم الى المملكة لإقامة مشاريعهم واعطائهم التصاريح التي يحتاجونها. (الغد)
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=1376