المؤثر الاخباري -قال رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة إن الحراك السياسي الذي بدأه جلالة الملك عبدالله الثاني مع بدايات العدوان على غزة أنتج حراكا وفعلا أدى إلى تغير في البوصلة والمزاج الشعبي بالدول الغربية، فضلا عن استصدار قرار في مجلس الأمن الدولي للتأسيس لهدن إنسانية تسمح بإدخال مساعدات إنسانية لقطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء، في مقابلة مع برنامج صوت المملكة الذي يقدمه الزميل عامر الرجوب، إن جلالة الملك في خضم جهد دولي لتنسيق جهود منظمات الإغاثة لضمان ديمومة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ولفت الخصاونة إلى أن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد كان أرفع مسؤول عربي يتواجد على معبر رفح عند بدء إدخال قوافل المساعدات الإنسانية والطبية التي تؤسس للمستشفى الميداني الأردني في خان يونس.
وأكد رئيس الوزراء أننا وضعنا محددات منذ بواكير هذا العدوان بأن محاولات التهجير القسري للسكان من غزة يشكل خطا أحمر، لأنه قد يشكل مقدمة لأنماط من التهجير القسري باتجاهات أخرى، بما فيها الضفة الغربية ونحن قمنا بإسناد الموقف المصري الواضح تجاه رفض التهجير، مشددا على أن أي تهجير يشكل تصفية للقضية الفلسطينية سواء كان في غزة أو في الضفة الغربية.
وثمن رئيس الوزراء الجهود والمسعى المشكور الذي قادته دولة قطر وجمهورية مصر العربية الشقيقتين للتوصل إلى الهدنة التي دخلت يومها الثالث، مشيرا إلى وجود إرهاصات قد تؤدي إلى تمديدها، وأن تؤسس إلى وقف دائم لإطلاق النار الذي يسمح بعده بالاشتباك السياسي المفضي إلى حل الدولتين وتجسيد الحق الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة.
وأكد على موقف الأردن الساعي إلى ضرورة أن تؤسس الهدن الإنسانية لوقف مستدام لإطلاق النار وإلى إطلاق الاشتباك السياسي الضروري لننتقل فيه إلى تجسيد حل الدولتين الذي يشكل الحل الوحيد الذي لا يمكن القفز عليه.
وقال لقد وضعنا محددات منذ اليوم الأول، وخصوصا أنه في بواكير هذا العدوان كانت هناك دعوات تقول بضرورة أن يتحرك سكان قطاع غزة إلى خارج القطاع باتجاه مصر، وهذا بالنسبة لنا كان موقفاً يشكل خطا أحمر، لأنه قد يشكل مقدمة لأنماط من التهجير القسري باتجاهات أخرى، بما فيها الضفة الغربية، فقمنا بإسناد الموقف المصري الواضح الذي يُحيا عليه الأشقاء في جمهورية مصر العربية، لأن أي تهجير يشكل تصفية للقضية الفلسطينية سواء كان في غزة أو في الضفة الغربية وقلنا في حينه أن أي نمط من أنماط التهجير القسري للسكان باتجاه المملكة الأردنية الهاشمية، سيشكل إعلان حرب علينا، لأن معاهدة السلام تنص على أن حركة السكان وتهجير السكان هو أمر غير جائز، وبالتالي إذا جرت أي محاولة أو إنتاج لأي ظرف من شأنه أن يؤدي إلى تهجير قسري للسكان، وهذا يشكل خرقا ماديا لاتفاقية، السلام ويتناقض مع مبتغى وغايات اتفاقية السلام، وبالتالي يعيدنا إلى حالة لا سلام.
ولفت إلى أن جلالة الملك كان أمس الأول في زيارة لجمهورية مصر العربية، وأكد أن هذا أمر بالنسبة لنا يشكل خطا أحمر لم نقبل به ولن نقبل به، وسننظر إليه كما يجب أن ننظر إليه بوصفه إخلالا جوهريا ببنود معاهدة السلام، وبوصفه يعيدنا إلى حالة اللا سلام، ويمثل إعلانا للحرب علينا.
وقال هذا موقف بيّن وواضح، وعبرنا عنه منذ الأيام الأولى، وخصوصا عندما كان هناك الكثير من الحديث في بعض الأوساط السياسية الإسرائيلية عن ضرورة أن يتحرك أهلنا الصامدون في قطاع غزة باتجاه الجنوب خارج القطاع. أيضا بالنسبة لنا هذا كان خطابا سياسيا ضروريا وحيويا لأنه أيضا أنتج موقفا دوليا، أعاد التأكيد على رفض أي نمط من أنماط التهجير خارج قطاع غزة أو خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة بأي اتجاه كان بما في ذلك باتجاه المملكة الأردنية الهاشمية فشكل لنا قدرا من التحصين السياسي الضروري في إطار صياغة موقف تبعه تعبيرات مختلفة من مختلف الدول، دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد، وعبرت عن هذه المواقف بشكل متكرر لجهة رفض التهجير.
وأضاف أن المنطلق الثاني لسياساتنا، منذ اليوم الأول كان ضرورة الوصول إلى مرحلة تؤسس لوقف دائم لإطلاق النار ليبنى عليها في سياقات كان دائما جلالة الملك يحذر منها، في السنوات العشر الماضية بأنه إهمال الوصول إلى تجسيد حل الدولتين، الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة، وذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية في سياق يعالج كل قضايا الحل النهائي، بما فيها القدس، والمستوطنات واللاجئين والأمن والحدود وأن غياب هذا الحل من شأنه أن يضع المنطقة برمتها في إطار الانتقال من دوامة العنف إلى دوامة عنف أسوأ، بعد ذلك إلى متواليات من الهدن التي لا تنتج إلا دوامات من العنف أسوأ من سابقاتها، وبأن هناك عبثية في القفز عن هذا الحل.
وقال نحن انخرطنا في عملية السلام عام 1991 باعتبارها تمثل خيارا استراتيجيا للدولة الأردنية، ولكن مرة أخرى السلام المؤسس على الحق، وعلى المرجعيات التي تفضي إلى تجسيد حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة لتعيش بأمن وسلام، إلى جانب كل دول وشعوب المنطقة، بما فيها إسرائيل.
وأكد أن هذا استثمار أقبلنا عليه بعد أن أقبل عليه الأشقاء في مصر، وقبلنا أيضا منظمة التحرير الفلسطينية في إطار التزام رأيناه في حينه بأنه سيفضي إلى جلب السلام والاستقرار المؤسس على إحقاق الحقوق للشعب الفلسطيني في هذه المنطقة، وسيطلق الطاقات الكامنة في منطقتنا، التي من شأنها أن تؤسس إلى حالة ازدهار إقليمي يحتاجها إقليمنا، وأن تؤسس أيضا إلى تدعيم السلم والسلام والأمن العالمي.
ولفت إلى تأكيد جلالة الملك المستمر بأنه يجب أن ننتقل مباشرة ليس إلى عملية سياسية، وإنما إلى مفاوضات جادة محددة بأطر زمنية محددة واضحة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية بجناحيها في الضفة الغربية وغزة.
وردا على سؤال بشأن التحصين الممنوح لإسرائيل في تجاوزها للقانون الدولي، قال رئيس الوزراء إننا نعمل اليوم باتجاه أن هذا التحصين المقدم لإسرائيل من قبل بعض الدول الوازنة يجب أن ينتهي.
ولفت إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني خاطب العالم في قمة السلام بالقاهرة بخطاب سياسي أخلاقي وقانوني وازن ورصين وفيه القدر الكبير من علو الكعب السياسي والقانوني والأخلاقي عندما أكد جلالته بأن الشرعية الدولية والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقواعد الأخلاق الدولية وحقوق الإنسان لا يجب أن تقف عند حدود دول معينة وأن يصار إلى التعامل بمعيارين، وعندما يتعلق الأمر بمخالفات جسيمة وجرائم تنتهك فيها إسرائيل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني فإنها بذلك تحظى بتحصين وحماية من قبل دول تمارس نقديات على دول ترتكب خروقات لكن لا تصل إلى مستوى الخروقات الإسرائيلية وهو ذات الموقف الذي أكدت عليه جلالة الملكة رانيا العبدالله في مقابلاتها.
وفي رده على سؤال حول ماذا تعني حالة الحرب أكد أنها تعني إخلالاً جوهرياً في معاهدة السلام وبأحد البنود الرئيسة والمركزية في المعاهدة التي تتحدث عن ضرورة التحصين من أي تحركات قسرية للسكان بأي اتجاه من الاتجاهات وهذا يشكل تصفية للقضية الفلسطينية وتهديدا للأمن القومي الأردني .
وأضاف نحن لا نرى ذلك يتحقق ولكن إن تحقق هذا الأمر تصبح معاهدة السلام كما ذكرنا مجموعة من الأوراق المركونة على رف يعلوه وتعلوها الغبار وتعيدنا إلى حالة اللا سلم .
وأكد أن الأردن اتبع أسلوبا متدرجا ومنذ اليوم الأول وحذر بشكل واضح لا لبس فيه لإسرائيل ولمختلف القوى الدولية بأن أي محاولات للتهجير القسري باتجاهنا أو باتجاه مصر يشكل خط أحمر دونه “خرط القتاد”، وضرورة السعي والعمل مباشرة باتجاه التأسيس لهدنة تفضي الى وقف مستدام لإطلاق النار يتبعها اشتباك سياسي محدد بأطر زمنية وصولا الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تجسيدا لحل الدولتين، مضيفا أن أي عاقل بعد هذه المأساة والعدوان على غزة عليه ان يشعر في وجدانه وعقله بضرورة حل الدولتين الذي تقوم بموجبه الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وانه بغياب هذا الحل فإن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار والتعاون الاقليمي وستبقى منطقة مضطربة تجر العالم الى توترات قد تؤدي الى انفجار الأوضاع الى أبعد من ذلك.
وقال إن الهدنة التي دخلت يومها الثالث قد تمت بجهد ومسعى مشكور من الاشقاء في قطر ومصر وهناك ارهاصات قد تؤدي الى تمديدها وان تؤسس الى وقف دائم لاطلاق النار الذي يسمح بعده بالاشتباك السياسي المفضي الى حل الدولتين والانتقال ليس عبر مفاوضات عبثية طويلة وانما ضمن محددات تفضي الى ذلك سريعا بتجسيد الحق الفلسطيني باقامة دولته المستقلة.
وردا على سؤال بشأن ان كان موضوع الغاء اتفاقية الغاز مطروحا على الطاولة، قال الخصاونة إن اتفاقية الغاز ليست على طاولة الإلغاء ونحن شأننا شأن أي دولة تحترم نفسها وتحترم التزاماتها التعاقدية، لافتا الى انها اتفاقية بين شركة نوبل الأميركية وشركة الكهرباء الوطنية الأردنية.
وقال عندما تحدثنا عن اتفاقية الغاز كان لدينا بعض المخاوف من انقطاع الغاز من قبل حقل ليفياثان باتجاه المملكة ولم نر بوادر بأن هذا الأمر سيحصل ولكن مثل أي دولة تخطط لأي سيناريوهات لا سيما ونحن في أتون حرب على غزة.
وأضاف الخصاونة، استطلعنا قدرا من البدائل ولكن يترتب عليها كلفا مالية أعلى تصل الى 45 مليون دينار شهريا في حال الانتقال الى الغاز المسال والى 115 مليون دينار في حال الانتقال الى الديزل.
وقال نحن نهيء لمثل هذه السيناريوهات ولكن لا نرى أمامنا أي معطيات لانقطاع الغاز ونحن نعمل في اطار التخطيط للبدائل الضرورية لسيرورة انتظام الحياة في بلدنا.
وأكد أنه تم الحديث مع دولتين شقيقتين في الخليج العربي وأبدتا الاستعداد لتلبية احتياجاتنا من هذه الكميات ولكن أعيد وأكرر بأننا لم نطرحها بأن تبادر شركة الكهرباء الوطنية بالتوقف عن استقبال الغاز من حقل ليفياثان ولكن في حال توقف هذا الغاز فنحن نعمل على إيجاد البدائل لتشغيل الطاقة الكهربائية في الأردن ونحن اليوم لدينا احتياطي يكفي ل 65 يوما.
وبشأن الموقف الأردني فيما يتعلق بالتصعيد في الضفة، أكد أن أحد مرتكزات الموقف السياسي الأردني، بالإضافة إلى التحذير من التهجير باعتباره خطا أحمر، ويشكل إخلالا جوهريا وماديا باتفاقية السلام وبالإضافة إلى التأكيد مرة أخرى على خطاب جلالة الملك عبر سنوات مضت، والخطاب المستمر بضرورة أن يكون هناك اشتباك سياسي، يفضي إلى تجسيد حل الدولتين، لكن علاوة على ذلك، نحن أيضا دائما، نتحدث في سياقات متعلقة بأن هناك خطوطا حمراء في الضفة الغربية ومن ضمنها عنف المستوطنين، المتصاعد، حيث وصل عدد الشهداء في الضفة الغربية، خلال هذا الشهر الأخير الى 239 شهيدا وعدد المعتقلين في الضفة الغربية بلغ تقريبا 3000. علاوة على ذلك، نحن نعتبر أي محاولات من شأنها أن تغير الواقع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية، في الحرم القدسي الشريف في المسجد الأقصى المبارك، خطا أحمر وعبثا، من شأنه أيضا أن يفضي الى نتائج، واحتمالات ومآلات نضعها كلها على الطاولة.
وقال إن موقفنا هذا معروف للجميع وتخوفاتنا قائمة ونحن نرى التصعيد قائم وهناك موقف دولي رافض لعنف المستوطنين والإجراءات التي تتحدى الوضع القانوني والتاريخي في الحرم القدسي الشريف.
وتابع: هذا موقف ثابت، ولم يكن وليد العدوان على غزة، مضيفا هذا الموقف الثابت ننهض به ونقوم به في سياق الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، فيما يتعلق بتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي محطات سابقة، حقيقة متكررة تمكنا بقيادة جلالة الملك عبر مواقف متقدمة وقوية من درء هذا الخطر عن هذه المقدسات.
وبشأن المساعدات للأشقاء في الضفة الغربية قال “أنت أمام واقع اليوم في سياق عمل الأشقاء في السلطة الوطنية الفلسطينية فُرض بسبب الأوضاع في غزة، حيث وجهت السلطة الكثير من مخزونها الطبي أو الصحي إلى المعابر على حدود القطاع، وتمركزت حسب ما بلغني من رئيس الوزراء الفلسطيني القوافل منذ أسابيع إلى المعابر، ولم تستطع الدخول بطبيعة الحال، الأمر الذي ولّد نقصا في الخدمات الصحية والخدمات الطبية الموجودة لديهم، فوجه جلالة الملك مباشرة بإرسال مستشفى ميداني ليقدم هذه الخدمات الصحية، لافتا الى وجود محطة طبية في جنين من سنوات وتعمل وتساعد في الضفة الغربية، وهذا ما حرك عملنا في هذا الاتجاه، فضلا عن ذلك أيضا وجه جلالة الملك وقامت الحكومة بتوجيه 40 ألف طن من القمح و 15 ألف طن من الحبوب لدعم المخزون الاستراتيجي للسلطة ومساعدة الأشقاء.
وحول العلاقة بين الأردن والسلطة الفلسطينية، قال الخصاونة إنها نتاج لعلاقة الأردن بالشرعية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية التي قرر العرب عام 1974 أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينين والأردن تعامل مع هذا القرار، وأعيد التأكيد عليه في قرار فك الارتباط القانوني والإداري الذي مهد إلى دخول الأشقاء في عملية السلام في مدريد.
وأكد أن السلطة إحدى أدوات اتفاقيات وعملية أوسلو التي كان يفترض أن تدير مرحلة انتقالية في الأراضي الفلسطينية تبدأ بالضفة الغربية وغزة كوحدة واحدة وهذا ما يجب أن نتعامل معه دائما كوحدة جغرافية واحدة باعتبارها ستشكل الدولة الفلسطينية التي ستنشأ.
وحذر الخصاونة من الوقوع في شرك أي محاولات لتكريس الفصل بينهما ككيانين منفصلين وإعطاء ذرائع للكثير من المتطرفين بعدم وجود شريك فلسطيني وبصعوبة إعادة صياغة هذه الوحدة بين الضفة وغزة.
وأكد أن الدولة الفلسطينية المستقلة وفق عملية السلام ومرجعياتها هي في الضفة الغربية وغزة باعتبارها وحدة جغرافية واحدة.
وردا على سؤال حول شكل العلاقة بين الأردن والولايات المتحدة الأميركيَّة، قال رئيس الوزراء: ليس سرَّاً أن العلاقة بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية هي علاقة مهمة وتاريخية، وهي علاقة مميزة وممتدة وطويلة وبها الكثير من المشتركات، مؤكَّداً أنَّ الأردن ينظر إلى الولايات المتحدة الأميركية على أنَّها القوة التي تستطيع أن تلعب دوراً مركزياً في الوصول إلى تجسيد حل الدولتين بما تملك من وسائل وأساليب ضغط على إسرائيل وعلى مختلف القوى الدولية الفاعلة.
وأشار الخصاونة إلى أنَّ الأردن وقع مع الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي مذكرة تفاهم لسبع سنوات تقوم بمقتضاها واشنطن بتقديم الكثير من أوجه الدعم للمملكة اقتصادياً، مؤكِّداً أنَّ الولايات المتحدة تقدر الدور الرئيس والمحوري والأساسي الذي يؤديه جلالة الملك على الصعيد الدولي، والدور الذي يلعبه الأردن باعتباره قوة وسطيَّة تستمسك دائماً بالمبادئ فيما يتعلق بالتعبير عن آرائه ومعتقداته السياسية الحقيقية، والتزامه بالسلام المؤسَّس على المرجعيات الدولية كخيار استراتيجي.
وفيما يتعلَّق بالحرب على غزة، أشار رئيس الوزراء إلى وجود تباين بين البلدين عبّر عنه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين عندما كان وزير الخارجية الأميركي موجوداً في الأردن، لافتاً إلى أنَّ العلاقة وثيقة بين البلدين بالقدر الذي تسمح فيه هذه العلاقة بالتعبير الحر عن مثل هذا التباين فيما يتعلق ببعض.
ونوَّه الخصاونة أن “هذه ليست المرة الأولى التي يصر فيها الأردن على الاستمساك بمبادئه”، مؤكِّداً أنَّ الاستمساك بالمبادئ يُتعِب، ولكنه بالنتيجة لا يخذل، وهذا ديدن المملكة الأردنية الهاشمية، قيادة وحكومة وشعباً، مشيراً إلى أنَّ الموقف الأردني الذي يُعبر عنه دائماً بامتياز جلالة الملك عبدالله الثَّاني فيما يتعلق بالعدوان على غزة، هو موقف رفيع فيما يتعلق بمرتكزاته القانونية والسياسية والأخلاقية.
كما أشار إلى أنَّ الموقف العربي لم يتوار فيما يتعلق بإدانة قتل المدنيين، حيث صدر بيان في اليوم الثالث عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، وأكد على أن الموقف العربي يدين استهداف المدنيين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو جنسياتهم.
وأضاف: خطابنا يقول بأن هذا الموقف الأخلاقي له مرتكزات قانونية لأن القانون الدولي لا يميز بين انطباق أحكامه على عرق أو دين أو جغرافيا أو جنسية، ويتضمن قواعد عامة مجردة يجب أن تطبق على جميع الدول في إطار النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنَّ الموقف السياسي الذي نعبر عنه دائماً بأننا نحن نطلب هذا السلام كخيار استراتيجي مؤسَّس على حق الدولتين وتجسيد الحقوق الفلسطينية المشروعة لنستطيع العيش في بيئة آمنة وفي مناخ ومحيط آمن وفي جغرافيا آمنة تسهم في تعزيز السلم العالمي والاستقرار والرفاه الإقليمي، وعلى مرجعيات تتضمن إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية التي يقر بها العالم والتي نعمل لإسناد الشعب الفلسطيني على تجسيدها.
وحول تعريف القانون الدولي لحق الدفاع عن النفس، نوَّه الخصاونة إلى أنَّ هناك قضية دولية معروفة تسمى “قضية كارولاينا” وهي التي أسست لمفهوم وفكر تفاصيل ممارسة حق الدفاع عن النفس، وتقول إن الدولة تقوم بممارسة هذا الحق عندما يكون هنالك ظرفاً طارئاً ولا يترك لحظة للتفكير أو التدبُّر ويكون حالاًّ ومباشراً، ويجب أن يكون محكوماً على الدوام باعتبارات “التناسب والضرورة القصوى”.
ولفت إلى أنَّه عندما يتم تجاوز ممارسة هذا الحق وإنتاج اعتداءات يعتبرها القانون الإنساني الدولي جرائم باستهداف المدنيين، حيث بلغ عدد الشهداء أكثر من 14 ألفاً منهم 6000 طفل و4000 امرأة واستهداف منشآت صحية وطبية ومستشفيات محمية ومحددة أبرزتها اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، فإنَّ القانون الدولي لا يعتبر هذا الأمر ممارسة لحق الدفاع عن النفس الذي يجب أن يخضع لاعتبارات الضرورة والتناسب ما بين الاعتداء والدفاع، فضلاً عن أنه لا يبيح بأي شكل من الأشكال استهداف المدنيين والأطفال تحت ذريعة ممارسة هذا الحق.
وردَّاً على سؤال حول القادم ما إذا كان أسوأ أم لا، أجاب رئيس الوزراء بأنَّ القادم مفتوح على احتمالات متعددة، معرباً عن أمله بأن يفضي الجهد المشكور والمقدَّر الذي تقوم به دولة قطر وجمهورية مصر العربية الشقيقتين، والذي ساهم في التأسيس لهذه الهدنة المؤقَّتة التي ينتهي يومها الرَّابع غداً، والتي يوجد حديث حول إمكانية تمديدها، إلى وقف إطلاق النار بشكل كلِّي.
وأضاف: يتعيَّن على العالم والعقلاء فيه أن يدركوا بأننا يجب أن ننتقل إلى ما كان يدعو إليه جلالة الملك على الدوام بضرورة أن نصل إلى اشتباك سياسي يفضي إلى تجسيد حل الدولتين، الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة والناجزة وذات السيادة الكاملة على خطوط الرَّابع من حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وأن يعالج هذا الحل قضايا الوضع النهائي من اللاجئين والمستوطنات وبشكل يلبي المصالح الحيوية العليا للدولة الأردنية.
وحول حقيقة وجود اعتقالات بحق من يمارسون الاحتجاجات، أكَّد رئيس الوزراء أنه لم يصار إلى اعتقال وتوقيف أي شخص مارس حق التظاهر السلمي في إطار هذا الانصهار في الحالة الأردنية ما بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي، مضيفاً: “هذا كلام أنا مسؤول عنه، وأُساءل عليه”.
وأوضح الخصاونة أنَّ من جرى توقيفهم واعتقالهم ومن هم ما زالوا قيد الاعتقال والتوقيف والمحاكمة لا يتجاوز عددهم 24 شخصاً ممن قاموا بالاعتداء إما على رجال الشرطة أو تخريب ممتلكات عامة وخاصة، أو حاولوا إنتاج تجمعات لا صلة لها بدعم أهلنا في قطاع غزة، أو التعبير عن إحباطنا جرَّاء هذه الجرائم التي ترتكب بحقهم، بل قاموا بالتأثير على سيرورة الحياة العامَّة.
وشدَّد على أنَّ الحكومة وأجهزتنا لا تمنع مطلقاً إقامة مظاهر الاحتجاج، منوِّهاً أنَّها ومنذ اليوم الأول أكَّدت على أنَّ كل مظاهر الاحتجاج والتجمع مسموحة، باستثناء تلك التي تستهدف إقامة تواجد دائم في محيط تقاطعات طرق رئيسة تؤثر على سيرورة الحياة وانتظامها في العاصمة عمان، أو الدعوات المغامرة التي تحث على التوجُّه إلى الأغوار التي هي منطقة عسكرية، والمزاج الإسرائيلي فيها يلجأ إلى إطلاق النار مباشرة على من قد يقوم باختراق الحدود والاتجاه إلى الجانب الآخر، أو أن يحرج أجهزتنا الأمنية ومؤسساتنا وقواتنا المسلحة في التعاطي معه ومع هذه التجمعات التي لا صلة لها بالتعبير المشروع والمطلوب عن التضامن الكامل مع أهلنا في غزة، والإدانة الكاملة لهذا العدوان الإسرائيلي.
وأكد رئيس الوزراء أن حالة الانسجام الداخلي، بالقطع، ستستمر، مضيفاً: عندي إيمان كامل وثقة كبيرة بأهلنا وشعبنا في قرانا ومدننا وبوادينا ومخيماتنا وبأحزابنا السياسية بمختلف تلاوينها بأنهم لن يسمحوا بأي شكل من الأشكال لطابور خامس موجود في كل دول منطقتنا بحرف البوصلة من هذا العدوان إلى قضايا هامشية على حساب موقف أردني متقدم وطليعي لم تصل إليه أي دولة أخرى فيما يتعلق بالتضامن مع ما يجري ضد أهلنا في غزة، وتاريخيا في تضامننا ووقوفنا إلى جانب أهلنا وأشقائنا في فلسطين.
وأضاف: ”هناك من يزاود على موقف الأردن، ومن يؤشر بشكل فيه تجن وتبل على الموقف الأردني الصلب والمبدئي والقانوني والسياسي والأخلاقي الذي ما كان يوما إلا ناصرا للقضايا العربية والحقوق الفلسطينية والمبادئ التي يرتكز عليها دائما الحراك الأردني فيما يتعلق بالمنظومة القيمية والأخلاقية أيضا العالية التي تعبر عنها السياسات الأردنية ويقودها جلالة الملك”.
ولفت الخصاونة إلى أنَّ إصابة 7 من أبناء مرتبات القوات المسلحة الأردنية في المستشفى الميداني الأردني في تل الهوى، هي بمثابة تذكرة بأن الدم الأردني ودم مرتبات الجيش العربي امتزج على الدوام بالدم الفلسطيني في اللطرون وباب الواد وبعد ذلك في معركة الكرامة وفي حرب 1967، وفي حرب 1973 على الجبهة السورية، مؤكِّداً أنَّ الإسناد الأردني للحق الفلسطيني هو إسناد ليس وليد اليوم بل قائم منذ عام 1948 ومستمر وثابت ودائما يتوحد فيه الموقف الرسمي والموقف الشعبي.
وأشار في هذا الصَّدد إلى أنَّ جلالة الملك قاد جهوداً نفذها جنود قواتنا المسلحة وسلاح الجو الأردني بإنزال مساعدات جوية على المستشفى الميداني في غزة، كما أن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثَّاني ولي العهد كان أرفع مسؤول عربي يتواجد على معبر رفح عندما بدأ بإدخال قوافل المساعدات الإنسانيَّة والطبيَّة التي تؤسِّس للمستشفى الميداني الأردني في خان يونس والذي يفترض أن تبدأ أعماله غداً، وبه حاضنات للأطفال الخُدَّج الذين حرموا من شريان الحياة عندما جرى حصار الكثير من المستشفيات الفلسطينية في قطاع غزة، مؤكِّداً أنّ المستشفى الميداني في الشمال مستمر في تقديم خدماته، وقد كان هناك إصرار سياسي على أن يستمر هذا المستشفى في تقديم عمله الذي يقوم به بإسناد أهلنا في قطاع غزة منذ عام 2009، لافتاً إلى أنَّ مجموع المساعدات التي أرسلت هي 10 طائرات(c 1 30) إلى غزة، بالإضافة إلى إسناد أهلنا في الضفة الغربية بشكل مستمر.
وأشار في هذا الصَّدد إلى أنَّ جلالة الملك يقود جهداً دولياً ليصار إلى تنسيق جهود منظمات الإغاثة الدولية الإنسانية جميعها لتستطيع أن تضمن ديمومة استمرارية تدفق المساعدات الإنسانية اللازمة إلى أهلنا في كل قطاع غزة، بجنوبه وشماله، وهناك مسعى دبلوماسي يقوم به الأردن لمحاولة استصدار قرار لمجلس الأمن الدولي يؤسس لاستدامة دخول هذه المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة، إلى جانب السعي بالوتيرة ذاتها لمحاولة إنتاج وقف مستدام لوقف إطلاق النار ثم الانتقال إلى هذا الاشتباك السياسي الضروري الذي يجسد حل الدولتين الذي لابديل عنه، منوِّهاً إلى أنَّ هنالك من لايزال يمسك بعبثية الاعتقاد بغطرسة القوة من خلال التهديد بإطلاق نووي أو تشجيع الفلسطينيين على الهجرة، مؤكداً أنَّ 75 عاماً وأكثر من الصراع يفترض أن تثبت بأن هذه الحلول هي قفزات في الهواء وبأنها لن تفضِي إلى شيء سوى مزيد من العنف لن نرى معه استقراراً إقليمياً أو أمناً لأي من دول المنطقة.
وحول إعلان النوايا لتبادل المياه والطاقة، قال الخصاونة: وقعنا ذلك الإعلان قبل حوالي عامين في مؤتمر المناخ في جلاسكو، ثم وقعنا على مذكرة التفاهم لاستكمال دراسات الجدوى مرتبطة بمشروع الطاقة مقابل المياه العام الماضي في شرم الشيخ، وكانت هناك الكثير من الأمور العالقة المتعلقة بقضايا مرتبطة بالجدوى، لافتاً إلى أنَّ المناخات الموجودة اليوم تجعل هذا الأمر بعيد التصور، وبالقطع لن نقوم بالتوقيع على مثل هذه الاتفاقيات الخاصة بهذا الأمر في مثل هذه الظروف.
وأكَّد رئيس الوزراء بأنَّ مشروع الناقل الوطني كان وسيبقى الخيار الاستراتيجي الأساسي، مشيراً إلى أنَّنا في مرحلة انتظار استدراج العروض في الرَّابع من كانون الأول المقبل الذي هو اليوم الفاصل الذي نأمل أن نتلقى فيه العروض المتعلقة بمشروع الناقل الوطني ليصار إلى الانتقال إلى مرحلة التنفيذ، إن كانت القاعدة السعرية والفنية مناسبة ليغطي احتياجاتنا المائية حتى 2042.
في هذا الإطار إلى أن تمكنا وبإسناد ودعم من كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها دائما جلالة الملك وسمو ولي العهد، وتوجيهاته بإعادة فتح القطاعات، بالمحافظة على النسب التضخمية، رغم أن كل الدول المحيطة بنا انفلت فيها التضخم من عقاله، وشهدت تخفيضات للعملة وغيرها، ونحن حقيقة في مستوى آخر مختلف تماما عن كل الدول، وفي هذا الصدد لدينا 17.5 مليار من احتياطات العملة الصعبة، مؤكدا أن الدينار في أفضل حالاته.
وزاد: كرَّمنا جلالة الملك بأن عهد إلينا بأن نستمر في إطار 3 وثائق مرجعية أساسية، وهي رؤية التحديث الاقتصادي، ومنظومة التحديث السياسي، وخارطة تحديث القطاع العام، وانتقلنا من دور حكومة مهام إلى دور حكومة تضع لبنات وحجر الأساس لهذه الرؤية في هذه المسارات الثلاث التي ستمتد لعشر سنوات قادمة، مشيراً إلى أنَّ هذا تغيير جوهري وأساسي، وما نتعرض له في الإقليم من مفاجآت دائما كبيرة وتؤدي إلى تسليط الاهتمام والانتباه عليها في حينها.
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=29968