استقر الجنيه المصري، الخميس، بعد يوم من سماح البنك المركزي للعملة بالانخفاض، وإعلانه التحول إلى نظام صرف أكثر مرونة بالتزامن مع توقيع مصر على برنامج قرض موسع مع صندوق النقد الدولي.
وأظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن الجنيه حوم حول 49.5 أمام الدولار في نفس النطاق الذي استقر عنده قرب إغلاق الأربعاء. وقبل خفض قيمة العملة أمس والزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة، أبقى البنك المركزي العملة المحلية لمدة عام تقريبا عند سعر يقل قليلا عن 31 جنيها للدولار.
ويعد سعر الصرف الأكثر مرونة، وهو مطلب رئيسي من صندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة، أمرا حاسما لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الذي تعثر على مدى العامين الماضيين بسبب نقص العملة الأجنبية.
وأدى نقص العملات الأجنبية إلى كبح النشاط التجاري المحلي، وتراكم البضائع في الموانئ وتأخير مدفوعات السلع الأولية.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إن الحكومة تخطط لإبرام صفقات كبيرة لضمان السيولة، وستعمل مع التجار لضبط الأسعار، وتعطي الأولوية لإتاحة العملة الأجنبية لمستوردي السلع الأساسية بعد السماح لقيمة العملة بالانخفاض الحاد.
ووفقا لبيانات تريدويب، تراجعت السندات الدولية المصرية، التي ارتفعت الأربعاء قبل أن تنخفض، بشكل أكبر اليوم الخميس؛ إذ نزلت سندات 2033 بمقدار 1.62 سنت إلى 81.81 سنتا.
وبشكل عام، يتم تداول أسعار السندات السيادية المصرية عند المستويات التي كانت عليها في أوائل مارس/آذار.
“عندنا ما يكفي… ويفيض”
تعهدت مصر في الماضي بالتحرك صوب سعر صرف أكثر مرونة لكنها استمرت في تثبيت سعر الجنيه في حين يعتمد جزء كبير من الاقتصاد على سعر الدولار في السوق السوداء الذي نزل إلى 70 جنيها؛ وهو ما وصفه محافظ البنك المركزي حسن عبد الله الأربعاء بأنه “مرض” يعكس انعدام الثقة في النظام المالي.
وقال عبد الله للصحفيين في مؤتمر صحفي نادر في وقت متأخر مساء الأربعاء: “الحمد لله أنا واقف النهاردة قدام حضراتكم وبقول لكم إحنا عندنا الحمد لله ما يكفي لسداد التزاماتنا ويفيض؛ خاصة مع توحيد سعر الصرف”.
وذكر أن البنك المركزي لديه القدرة على التدخل مثلما يحدث في الدول الأخرى في حالة حدوث تحركات غير منطقية.
وقال صندوق النقد الدولي، الذي وافق على إضافة خمسة مليارات دولار إلى برنامج القرض الحالي الذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار مع مصر، إنه يتطلع إلى تحرك مستدام نحو سعر صرف موحد يحدده السوق.
وبموجب البرنامج، تلتزم مصر بإجراء إصلاحات هيكلية لتحقيق استقرار الأسعار وإدارة عبء الديون، وتشجيع نمو القطاع الخاص.
وأضاف عبد الله أن بعد رفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس الأربعاء، ستتخذ أسعار الفائدة المصرية، وهي من بين الأعلى على مستوى العالم منذ فترة طويلة، مسارا نزوليا الآن.
“الضرب بيد من حديد”
يأتي تخفيض قيمة الجنيه والاتفاق مع الصندوق بعد أسبوعين من توقيع مصر صفقة استثمارية مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، وهي صندوق سيادي إماراتي، تتضمن دفع 24 مليار دولار مقابل حقوق تطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط.
وتتضمن أيضا تحويل 11 مليار دولار من الودائع الحالية لاستخدامها في مشروعات غير محددة في جميع أنحاء مصر. وقالت الحكومة المصرية، إنه سيتم تحويل إجمالي 35 مليار دولار خلال شهرين.
وفقد الجنيه حتى الآن ومنذ أوائل عام 2022، عندما تفاقم النقص في العملات الأجنبية، أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار في سلسلة من التخفيضات.
وعرضت الحرب في غزة والهجمات على سفن شحن في البحر الأحمر إيرادات السياحة وحركة المرور في قناة السويس للخطر، وهما مصدران رئيسيان آخران للعملة الصعبة في مصر، رغم تصريحات مسؤولين بأن أعداد السائحين ارتفعت في بداية هذا العام.
وتباطأت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، أكبر مصدر منفرد للعملة الأجنبية في البلاد، بشكل حاد العام الماضي وسط توقعات بتراجع الجنيه.
وقال مدبولي الخميس: “تم التوجيه لوزارة الداخلية بالضرب بيد من حديد لكل تجار السوق السوداء ومنظومة الشبكات التي كانت تسيطر على تحويلات المصريين بالخارج”.
أ ف ب
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=35758