أظهر تقرير أعدته منظمة العمل الدولية أخيرا أن الأردن يواجه تحديات كبيرة في مجال التوظيف وسوق العمل، على الرغم من أنه يعد الدولة الأكثر استقرارًا اقتصاديًا من بين الدول الأخرى غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
ووفقا للتقرير الذي جاء بعنوان “العمالة والآفاق الاجتماعية في الدول العربية – اتجاهات 2024″، فإن التحديات لدى الأردن تتفاقم بسبب أزمة اللاجئين السوريين، ما يساهم في ارتفاع معدلات البطالة باستمرار، لا سيما بين الشباب.
وقال إن الأردن الذي يحتل المرتبة الثانية بعد لبنان، يستضيف ثاني أكبر عدد من اللاجئين لكل فرد على مستوى العالم، فيما يواصل كلا البلدين السعي للحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي، في حين أن الوضع صعب بشكل خاص في لبنان، حيث ضربت البلاد سلسلة من الأزمات منذ العام 2019، ما أطلق العنان لموجة أقل هوادة من التحديات، وأثر على الاقتصاد، واستقرار المجتمع والسياسة، وأدى إلى تدهور كبير في نوعية حياة المواطنين.
وسُجلت معدلات بطالة مرتفعة في الأردن، حيث بلغت 18.3 في المائة (2022)، و16.5 في المائة (2021) على التوالي. وعلى الرغم من عدم توفر بيانات حديثة من اليمن، فإن عدم الاستقرار المستمر والظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد تشير إلى نتائج سيئة في مجال التوظيف، بما في ذلك ارتفاع مستويات البطالة.
وبين التقرير أن البطالة تصبح أكثر إثارة للقلق عندما تستمر فترة طويلة، والتي يطلق عليها عادة البطالة طويلة الأجل، وفي لبنان والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، تمثل البطالة طويلة الأجل نسبة كبيرة من السكان العاطلين عن العمل، حيث بلغت 48.9 في المائة، و46.7 في المائة، و39.5 في المائة، على التوالي، في 2021/ 2022.
ولفت إلى البطالة طويلة الأمد لا تقتصر على عدم الاستقرار المالي للأفراد المتضررين وأسرهم فحسب، بل تؤدي أيضا إلى عواقب اجتماعية واقتصادية بعيدة المدى، وكثيراً ما يواجه الأفراد الذين يعانون منها من فقدان المهارات وقابليتهم للتوظيف، ما يقلل من احتمالات إعادة اندماجهم في سوق العمل، وعلاوة على ذلك، فإن الآثار الاجتماعية المترتبة على البطالة طويلة الأمد، بما في ذلك زيادة التوتر، وقضايا الصحة العقلية، والاضطرابات الاجتماعية، لا يمكن المبالغة فيها.
وبشكل عام، فإن التحديات متعددة الأوجه التي تؤثر على الدول غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أعاقت بشكل كبير قدرتها على توليد عدد كاف من الوظائف لأولئك المتاحين الذين يبحثون بنشاط عن عمل، بما في ذلك العمال من ذوي التعليم العالي.
وأكد التقرير أنه في البلدان المستوردة للنفط، فإن الافتقار إلى الحيز المالي يجعل مثل هذه السياسات غير قابلة للتطبيق، ويستمر تخصيص معظم الإنفاق العام لتمويل النفقات الجارية، بما في ذلك رواتب وأجور الموظفين الحكوميين، ومعاشات التقاعد، والإعانات، وخدمة الدين، وبرامج الرعاية الاجتماعية، وغيرها.
ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، واتساع العجز المالي، وزيادة مستويات الدين وتكاليف الاقتراض، اضطر العديد من الحكومات، بما في ذلك حكومتا لبنان والأردن، إلى تعديل الإنفاق المالي، ما أثر على تقديم الخدمات العامة والظروف المعيشية لسكانها المقيمين، ولا بد من إدارة مستويات الديون المرتفعة بفعالية، بدعم من سياسات مالية شفافة وإصلاحات هيكلية، إلى جانب زيادة الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة الاقتصادية والتنمية الاقتصادية المستدامة.
وبشكل عام، تشير الأدلة الواردة من بلدان مختلفة في المنطقة إلى وجود انفصال بين سياسات الاقتصاد الكلي والعمالة، ويبدو أن السياسات المالية والنقدية تركز في الغالب على استقرار الاقتصاد الكلي، مع عدم توجيه الاهتمام الكافي نحو آثارها على سوق العمل والتوظيف.
وبينما تسعى الاقتصادات إلى التوسع، يصبح من الضروري لواضعي السياسات إعادة تقييم هذه السياسات مع التركيز بشدة على توليد فرص العمل، ويعد هذا التحول في المنظور جزءا لا يتجزأ من تعزيز العدالة الاجتماعية والعمل اللائق للجميع.
الغد
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=35001