تهيمن مصائر الأمة لا سيما في غزة وفلسطين على أرواح الذين يلهجون بذكر الخالق العظيم، وهم يحيون ليلة القدر في آلاف المساجد في قرى الأردن وبلداته ومدنه.
ودعا علماء دين إلى استثمار هذه الليلة المباركة بالأعمال الصالحة وتجنب الخلافات، لينعم كل فرد ببركة مضاعفة الأجور واستجابة الدعاء والغفران من الذنوب ولتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.
يقول مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة والتوجيه الإسلامي ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية إسماعيل فواز الخطبا، إن ليلة القدر نالت هذا الشرف العظيم من بين سائر الليالي؛ لأن القرآن العظيم نزل فيها، ولذلك كانت خيراً من ألف شهر. يقول الله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)”.
وبين أنها ليلة عظيمة حيث تنزّل الملائكة دفعة واحدة ومعهم أمين السماء جبريل عليه السلام، فيعمّ الأرض السلام والسكينة والطمأنينة، ويجازي الله العبد الطائع فيها: القائم والساجد، والمعتكف، جزاء عبادة ألف شهر كرماً من الله تعالى وتعويضاً لهذه الأمة لقصر أعمارها وقلة أعمالها، فعن مالك ابن أنس رضي الله عنه، أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُريَ أعمار الناس قبله، أو ما شاء اللهُ من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر، خير من ألف شهر.
وقال: “في ليلة القدر لا نغفل الدعاء، فلنكثر من الدعاء آناء الليل وأطراف النهار، آناء ليلة القدر وأطراف يومها، لأنها ساعات مباركات لا تعوض في غيرها من الليالي والأيام.
وأضاف: ” أفضل ما يدعو به المسلم ما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قولي: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” وندعو لأهلنا في غزة والضفة وفلسطين أن يفرج الله عنهم وأن ينصر الله تعالى الإسلام والمسلمين.
وكتب جلالة الملك عبدالله الثاني، عبر منصة إكس السبت: “ندعو الله عز وجل في ليلة القدر المباركة أن يتقبل صيامنا، وأن يحفظ الأردن الغالي، وأشقاءنا في فلسطين وسائر الدول العربية والإسلامية”.
ودعا سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، عبر منصة إنستغرام، بقوله: “اللهم في هذه الليلة الكريمة المباركة احفظ بلدنا الأردن من كل مكروه، وألطف بأهلنا في غزة، واجعل لهم فرجا قريبا”
وعممت وزارة الأوقاف على جميع مديرياتها ببرنامج موحد لإحياء ليلة القدر في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك يتضمن صلاة القيام واستغفار وصلاة على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وصلاة التسابيح وصلاة الشفع والوتر مع الدعاء والتعاون مع لجان المساجد لتهيئة المساجد وفتحها لاستقبال المصلين والاستعانة بالأئمة والخطباء والمدرسين بإعطاء المواعظ في هذه الليلة المباركة.
وقال الخطبا، إن من الخير تذكير المسلمين بزكاة الفطر للإسراع بإخراجها، لأن زكاة الفطر تجب بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، إذا أهلّ شوال، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر في رمضان وحينئذ يكون الفطر في رمضان، مشيرا إلى أنه يدخل في وجوب زكاة الفطر منْ ولد قبل غروب شمس آخر يوم من أيام شهر رمضان المبارك، فتخرج عنه زكاة الفطر، ولا يدخل فيها من مات بعد الغروب.
وأشار إلى أنه يستحب أن يخرج صدقة الفطر ليلة العيد أو يومه، قبل الخروج إلى صلاة العيد، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر وأمر بها أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
ولفت إلى أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم) أخرجه الدارقطني، ويجوز إخراجها نقداً وقيمتها كما قدرتها دائرة الإفتاء العام بـ(180) قرشاً، وإخراجها نقداً هو مذهب الإمام أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد -رحمهما الله تعالى-.
وعن كيفية إحياء ليلة القدر أشار الناطق الإعلامي في دائرة الإفتاء العام أحمد الحراسيس إلى أن إحياءها يكون بجميع أنواع القرب والعبادات والطاعات كالصلاة المفروضة والمسنونة والنوافل، وتلاوة القرآن الكريم والإكثار من ذكر الله تعالى والصدقة والاعتكاف، والدعوة إلى الله تعالى، ويسن الإكثار من الدعاء والتضرع إليه تعالى.
وعن علامات ليلة القدر، لفت إلى أن من علاماتها السكينة، وشروق الشمس بيضاء في صبيحتها دون شعاع، ولا ينبغي التشاغل عن الأهم بالمهم أخفاها الله تعالى عنا لنجتهد في تحصيلها؛ فنحيي عدة ليال لنحصل على أجرها.
وفي هذا الصدد بين رئيس قسم الاحتفالات في وزارة الأوقاف أحمد النادي أنه يعتبر الشعور بالروحانية والقرب من الله من أبرز علامات ليلة القدر، ففي هذه الليلة يفتح الله أبواب رحمته، ويستجيب لدعوات المؤمنين، مما يعزز الشعور بالقرب والتواصل الروحي مع الله، مما يعكس السكون والطمأنينة. يقول الله تعالى: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ” (القدر: 4).
ويشعر البعض في هذه الليلة بالإلهام والتأمل، ويتأملون في عظمة الخالق وتدبر آياته، مما يزيد ارتفاع مستوى الروحانية والإيمان، وتعد ليلة القدر وقتًا مواتيًا للدعاء، حيث يكون الله -سبحانه وتعالى- أقرب للمؤمنين وأسرع في استجابة الدعاء، بحسب النادي.
أستاذ الشريعة في جامعة آل البيت عماد عبدالكريم خصاونة بين أن الله سبحانه وتعالى خص ليلة القدر بفضل عظيم وشرف كبير، فكان سبب تسميتها بهذا الاسم من الآيات القرآنية، فيكون ذكرها بالقرآن الكريم بهذا الاسم تشويقا لمعرفتها وبيانا لفضلها، فيحرص المسلمون على الاجتهاد في الطاعات، إيمانا بأهميتها وفضلها، ومن ذلك شرف الله تعالى ليلة القدر بوقت إنزال القرآن الكريم على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فميز أول ابتداء لنزول القرآن الكريم بوقت من أفضل الأوقات وهي ليلة القدر، فكانت ليلة مباركة قال تعالى “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”.
أما الأمر الثاني في هذه الليلة وهي الخيرية: قال تعالى “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” إذ خص الله تعالى أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بليلة القدر وميز زمانها بكثرة ما يقع فيها من فضائل ليس له حد، ففيها مضاعفة وزيادة الأجر والثواب على أعمال الخير.
وأوضح أن الله تعالى بين أنها ليلة سلام، قال تعالى “سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ” يطلق السلام على التحية، والسلامة تشمل كل خير، لأن الخير سلامة من الشر والأذى، ففي هذه الليلة المباركة تتنزل الملائكة وتملأ الأرض، فتّعم الرحمة والطمأنية والبركة.
ودعا الإنسان إلى أن يستثمر هذه الليلة المباركة بالأعمال الصالحة ويتجنب الخلافات، ويبتعد عن التصرفات السلبية، لينعم ببركة مضاعفة الأجور واستجابة الدعاء والغفران من الذنوب ولتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.
رئيس قسم أصول الدين في الجامعة الأردنية علاء الدين عدوي، قال ليلة القدر ليلة عظيمة من الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وهي ذات مكانة عظيمة عند المسلمين، وهي من مواسم الخير والطاعة والفلاح، واستجابة الدعاء وللمؤمن أن يدعو فيها بما شاء، وأن يسأل الله تعالى الهدى والتقى والإيمان.
وأضاف: هي ليلة شرفها الله بأن اختارها ليكون نزول القرآن الكريم فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” فيغتنم المسلم ويحرص في الشهر الفضيل على هذه المنح الإلهية الكثيرة، ومنها ليلة القدر ذات القدر والمكانة العظيمة عند الله، وللمؤمن فيها مكانة وقدر عظيم، فيجتهد في إحيائها، وقيامها، والاعتكاف، والتعبد فيها بقراءة القرآن، والدعاء وسائر العبادات والطاعات.
أما سكرتير وزير الأوقاف أحمد العمايرة، فيقول، إن ليلة القدر تعد فرصة ثمينة منحها الله -سبحانه وتعالى- للمؤمنين للتقرب إليه والتضرع إليه بطلب الغفران والبركة والرحمة، وهي ليلة تحمل في طياتها الخيرات والفضائل، مما يجعل القلوب تمتلئ بالأمل والتوبة. إنها ليلة تعيد توجيه الحياة نحو الطاعة والخيرات، مؤكدا أن الله قريب ومُجيب لدعاء الداعين في هذه الليلة المباركة.
بترا
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=37418