يُغمغم المتاجرون بالمخدرات ومهربوها حين يرسمون “أحلاماً وردية” إذا تسنى لهم تهريب ما بحوزتهم من سموم يعلمون أنها ستودي بحياة الآلاف أو بعقولهم على الأقل، على أنّ محللين يؤكدون أن ثنائية الوعي المجتمعي بالمخاطر الجسيمة للمخدرات وحرص الجهات الأمنية الساهرة على حدود المملكة حاجز الصد المتين؛ كفيلة بدفن هذه “الأحلام الشيطانية”.
فالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الاردنية وإحباطها “عملية التهريب الكبيرة التي تجاوزت مليون حبَّة كبتاجون، وكميات كبيرة من “الحشيش والكريستال والجوكر” أخيرا، تثبت كما هو عهد الاردنيين، قدرتها على حفظ أمن المملكة من كل الشرور، وحرصها على سلامة المجتمع الذي يتمتع بحس عالٍ من الوعي الثقافي والأخلاقي بخطورة المخدرات التي يؤكد معنيون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن القانون الأردني حدد المواد التي تؤثر على العقل وتفصله عن الواقع الذي يعيشه وتسبِّب له الأذى، ومنع الاتجار بها، ومن بين هذه المواد الحشيش والهيروين والكبتاجون والكريستال والجوكر الذي يعد مادة صناعية شديدة الخطورة على الإنسان.
لكن الوعي المجتمعي والحرص الأمني لم يمنعا أطباء من التأكيد أن الأمانة العلمية والأخلاقية تملي عليهم ومن باب “الوقاية خير من العلاج” التذكير بمخاطر تعاطي المخدرات بأنواعها ومسمياتها ومنها “الكوكايين والكبتاغون والهيروين والحشيش والكريستال والجوكر” والتي تذهب العقل وتدفع الى الانطواء والعُزلة، كما يقول اختصاصي الطب النفسي و علاج الإدمان الدكتور منتصر بشير حياري.
ويوضح الدكتور الحياري أن الإدمان هو حالة سلوكية من حيث الاعتماد على مادة أو سلوك معين يؤثر على حياته صحيا وسلوكيا واجتماعيا، لافتا إلى أن مدمن الكحول (مثلا) لا يستطيع الاستغناء عنها بسبب الأعراض الانسحابية التي يعاني، وعند محاولة التوقف عنها قد يؤدي ذلك إلى مشاكل جسدية، واجتماعية، وعائلية ومادية و حوادث متكررة.
أما المخدرات، يقول الحياري، فتتسبب بالجلطات الدماغية أو القلبية، ومشاكل في الجهاز الهضمي و التنفسي، وتؤثر على الصحة النفسية للمتعاطي من حيث زيادة القلق والاكتئاب والذهان، ومشاكل في النوم وضعف الشهية وفقدان الرغبة بالمشاركة في النشاطات الاجتماعية، وتدمير العلاقة مع الأسرة والأصدقاء والعمل.
هناك مشكلة لا تقل خطورة عما سبق، يضيف الحياري، ذلك أن علاج الإدمان رحلة طويلة يتخللها زلات وانتكاسات عديدة، وبحاجة إلى الصبر و العزيمة وثبات وتفهم من المحيط، مشيرا إلى نشر الوعي بمخاطر المخدرات وتعزيز قيم الأخلاق و الوازع الديني والابتعاد عن رفاق السوء هي وسائل مهمة جدا في الوقاية والحماية من مخاطر المخدرات.
هذا ما ذهب اليه أيضا اختصاصي الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور محمد أبو صليح الذي أكد أن المخدرات هي مواد كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتغير الوعي والإدراك والمزاج وتنقسم إلى عدة أنواع، منها المنشطات، المهدئات، الأفيونات، والمؤثرات العقلية.
وأكد ابو صليح أن العلاج يتضمن العلاج النفسي، والدعم الجماعي، وأحيانًا العلاج الدوائي، مشيرا الى الآثار الجانبية الصحية، والنفسية، والاجتماعية للمخدرات، مشددا على أن محاربة المخدرات تتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تشمل التوعية والتعليم، والدعم الاجتماعي والاقتصادي، من خلال برامج الوقاية والعلاج، وتعزيز الصحة النفسية، بالإضافة إلى تدابير قانونية وأمنية لمكافحة الاتجار بالمخدرات بكافة أشكالها.
أخصائي علم الصيدلة الدكتور أيمن هاني خريسات يقول إن أقوى انواع المخدرات هو الكوكائين المستخلص من نبتة الكوكا يتسبب تعاطيها بتسارع نبضات القلب وارتفاع بضغط الدم، وفشل في الجهاز التنفسي وقد تنتهي بالوفاة في كثير من الأحيان، مشيرا الى أن المارجوانا والهيروين هما الأخطر على الجهاز التنفسي، أما “الكريستال” فيصيب المتعاطي بالهلوسة والغثيان ويدمر خلايا المخ والنزعة للانتحار.
ويتفق خريسات مع سابقيه الى أن غياب الوازع الديني والفراغ، ورفاق السوء والتفكك الأسري وغياب التوعية أوالمعرفة الأسرية بأنواع وأشكال المخدرات ومخاطرها هي على رأس قائمة الأسباب التي توقع البعض في آفة المخدرات، مؤكدا أن الواجب الوطني والديني، يحتم على الجميع محاربة المخدرات لما تخلفه من جرائم وضياع للشباب والمجتمعات.
لكن المتخصص في تنمية الشباب والطفل الدكتور عصام الزواوي يذهب نحواً تفصيليا آخر في مسألة خطورة تعاطي المخدرات بالقول إن السلوك غير المتوازن من حيث العلاقة بأفراد الأسرة وزملاء العمل كالعدوانية باللفظ أو السلوك وتقلب المزاج و العزلة، أو إضطراب النوم وعدم الانتظام في الدوام في العمل أو الدراسة، تشي أننا أمام إنسان غير طبيعي هو بالتأكيد متعاطٍ للمخدرات، موضحا أن ارتكاب الجريمة “يعتبر أمرا عاديا بالنسبة للمدمن على المخدرات، حيث قد يعتدي على أفراد أسرته بالضرب أو الإيذاء الذي يفضي أحيانا إلى الموت.
وأشار الزواوي إلى تاجر المخدرات إنسان خطير جدا وفي غالب الأحيان يجمع بين تجارة المخدرات واقتناء السلاح والانضمام الى خلايا إرهابية، وفي حالة مداهمته يكون إما “قاتلا أو مقتولا”، ولهذا، فقد قدم جهاز الأمن العام والجيش العربي شهداء خلال عمليات المداهمة، موضحا أن الخلايا الإرهابية تعتاش على تجارة المخدرات كمصدر رزق لها، وتشتري السلاح وتنفق على أفراد العصابة الإرهابية وتقدم لهم رواتب وغيرها من المغريات، وتجار المخدرات أشخاص بلا ضمير أو أخلاق ضاربين بعرض الحائط كل القيم الإنسانية و الأخلاقية.
وأكد أن لدى الأردن قوانين صارمة بحق تجار السموم، ويتم تقديمهم للمحاكم العسكرية و محاكم أمن الدولة، ويحكم عليهم بعقوبات ورادعة، لافتا إلى ما تبذله الدولة الأردنية للحد من هذا الشر حيث أوجد مبكرا إدارة مكافحة المخدرات منذ سبعينيات القرن الماضي، ويتميز بين دول الشرق الأوسط بوجود مركز لعلاج الإدمان يتبع لمديرية لأمن العام وهذا نادر الحدوث في العالم، إذ يتولى هذا المركز علاج المدمن، يضاف إلى ذلك، مجموعة من التشريعات و الأنظمة و القوانين التي سنها المشرع الأردن للتصدي لهذه الآفة.
الدكتور مثقال عربيات من دائرة قاضي القضاة اكد أن تعاليم الدين والتمسُّك بالقيم والمبادئ الإسلامية، كفيلة بالوقاية من الوقوع في شرك المخدرات، لافتا الى أن تعاليم الدين توضح طريق الاستقامة والمضارَّ الصحية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تعاطي العقاقيرِ المُخدِّرة والاتِّجار بها.
وأوضح أن من شأن التوعية الدينية التأسيس لقواعد التوافق الشخصي والانسجام الاجتماعي والنفسي، فالإنسان المؤمن تثقف على نبذ كل ما يفسد العقل، أو يصده عن ذكرِ الله وأداء الواجبات الشرعية، لافتا الى أن المخدرات تبلُّد الأحاسيس وتقطع صلة العبد بربه، وتصيبه بأمراض فتَّاكة قد تودي به إلى الموت أو الانتحار.
–(بترا)
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=31703