الموثر الاخباري- من كان يعتقد أن أوروبا التي كانت أبرز المؤيدين للتحول في مجال الطاقة، تعود في القرن الحادي والعشرين إلى زمن الفحم؟
إنها مفاجأة لكنها حصلت، ويلخص هذا التناقض الذي واجهته أوروبا العام الماضي، تعثر جهودها في تحول الطاقة، ففي وقت كانت تضخ استثمارات في الطاقة المتجددة، وتجاهلت الاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية، جاءت الضربة من روسيا.
الضربة الروسية، تمثلت بتقليص صادراتها من الغاز الطبيعي، لتحد أوروبا نفسها عاجزة عن تلبية طلب الطاقة، خاصة وأن استثماراتها في الطاقة المتجددة لا تكفي لتلبية الطلب.
لذلك، أعلنت العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي عن إنعاش أو تمديد عمل محطات تعمل بالفحم؛ فإلى متى ستستمر هذه السياسات المؤيدة للفحم؟ وهل سيعرقلون الخطط الخضراء الطموحة في أوروبا؟
المفوضية الأوروبية، حاولت مرارا تبرير خطوة العودة إلى الفحم، إذ كررت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التأكيد على أن الفحم يمكن أن يساعد الاتحاد الأوروبي على استبدال الغاز من روسيا بشكل مؤقت فقط.
وقالت “علينا أن نتأكد من أننا نستخدم هذه الأزمة للمضي قدما وليس العودة إلى الوقود الأحفوري القذر”؛ لكن وسط أزمة الطاقة المتضخمة، أصبح من الصعب بشكل متزايد صياغة استراتيجية متماسكة لأوروبا وتحقيق الوحدة بشأن سياسات المناخ والطاقة.
الواقع، يشير إلى أن عودة أوروبا إلى الفحم -الأكثر تلوثيا في مصادر الطاقة الأخرى- ينسف الخطط الطموحة للمفوضية الأوروبية لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
بحسب بيانات للمفوضية الأوروبية، يتم إنتاج 109 جيجاواط من الطاقة الاحتياطية التي تعمل بالفحم بواسطة محطات الطاقة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، حاليا، من 90 جيجاواط نهاية عام 2021.
ولم يكن الفحم وحده هو الملاذ لدول أوروبا الباحثة عن الطاقة، بل إن دولا بدأت تضخ استثمارات في قطاع الغاز المسال مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا، وهو ما يعني فشلا أوروبيا في موضوع التحول.
ليس هذا فحسب، بل إن عقود الغاز الطويلة التي كانت أوروبا ترفضها، رضخت أخيرا ووقعت عقودا طويلة الأجل للحصول على الغاز الطبيعي المسال، وأبرزها ألمانيا التي وقعت مع قطر اتفاقية طويلة الأجل للحصول على الغاز.
في أكثر من مناسبة، قالت شركات طاقة أوروبية، بصدارة بريتش بتروليوم، إن الاتحاد الأوروبي مطالب بإعادة التوازن في استثمارات الطاقة، عبر ضخ أموال في المصادر التقليدية، بما يحقق تلبية الإمدادات، واستثمارات في الطاقة المتجددة بما يحقق الأهداف متوسط وطويلة المدى.
المسألة الهامة الأخرى، أن شركات طاقة عالمية مثل أرامكو السعودية، وصلت اليوم إلى مرحلة تخفض فيها انبعاثات الكربون من مشتقات النفط كافة، إلى جانب استثمارات مليارية يقودها العملات السعودية لحجز الكربون.
كذلك، يعتبر الهيدروجين الأخضر والأزرق من أبرز الاستثمارات الواعدة على مستوى العالم، والتي أصبحت ضمن استراتيجية الطاقة لكل من السعودية والإمارات، وتوسيعها على مستوى العالم، فإن أوروبا أمام فرصة ضخ استثمارات في هذا القطاع لتلبية الإمدادات الصاعدة في هذا النوع من الطاقة.
نسخ رابط الخبر: https://almoather.news/?p=3802